الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ} (14)

قوله : { فَإِذَا هُم } : المفاجأةُ والتَّسَبُّبُ هنا واضحان والسَّاهرة قيل : وجهُ الأرضِ ، والفَلاةُ ، وُصِفَتْ بما يقع فيها ، وهو السَّهَرُ لأجلِ الخوفِ . وقيل : لأنَّ السَّرابَ يَجْري فيها ، مِنْ قولِهم : عَيْنٌ ساهرَةٌ . قال الزمخشري : " والسَّاهرةُ : الأرضُ البيضاءُ المستويةُ ، سُمِّيَتْ بذلك ؛ لأنَّ السَّرابَ يجري فيها ، مِنْ قولهم/ عينٌ ساهِرَةٌ جارِيةُ الماء ، وفي ضَدِّها نائمةٌ . قال الأشعت بن قيس :

وساهِرَةٍ يُضْحِي السَّرابُ مُجَلِّلاً *** لأَقْطارِها قد جُبْتُها مُتَلَثِّما

أو لأنَّ ساكنَها لا ينامُ ، خَوْفَ الهَلَكَة " انتهى . وقال أمية :

وفيها لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍ *** وما فاهوا لهمْ فيها مُقيمُ

يريد : لحمُ حيوانِ أرضٍ ساهرةٍ . وقال أبو كبير الهذلي :

يَرْتَدْنَ ساهِرَةً كأنَّ جَميمَها *** وعَمِيْمَها أسْدافُ ليلٍ مُظْلِمٍ

قال الراغب : " هي وَجْهُ الأرضِ . وقيل : أرضُ القيامةِ . وحقيقَتُها التي يَكْثُرُ الوَطْءُ بها ، كأنَّها سَهِرَتْ مِنْ ذلك ، إشارةً إلى نحوِ قولِ الشاعر :

4489 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** تَحَرَّكَ يَقْظانُ الترابِ ونائِمُهْ

والأَسْهَران : عِرْقان في الأنفِ " انتهى . والسَّاهُوْر : غلافُ القَمَرِ الذي يَدْخُل فيه عند كُسوفِه . قال :

4490 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** أو شُقَّةٌ أُخْرِجَتْ مِنْ بَطْنِ ساهُوْرِ

أي : هذه المرأةُ بمنزلةِ قطعةِ القمر . وقال أميَّةُ :

4491 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** قَمَرٌ وساهُوْرٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ