إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ} (14)

فقولُه تعالَى : { فَإِذَا هُم بالساهرة } حينئذٍ بيانٌ لترتب الكرّةِ على الزجرة مكافأةً أيْ فإذ هُم أحياءٌ على وجه الأرضِ بعدَ ما كانُوا أمواتاً في جَوفِها وعلى الأول بيانٌ لحضورِهم الموقفَ عقيبَ الكرةِ التي عبرَ عنها بالزجرةِ . والساهرةُ الأرضُ البيضاءُ المستويةُ ، سُميتْ بذلكَ لأنَّ السرابَ يَجْري فيهَا من قولِهم : عينٌ ساهرةٌ جاريةُ الماءِ وفي ضِدِّهَا نائمةٌ وقيلَ : لأنَّ سالِكَها لا ينامُ خوفَ الهلكةِ ، وقيل : اسمٌ لجهنمَ ، وقالَ الراغبُ : هي وجهُ الأرضِ ، وقيلَ : هيَ أرضُ القيامةِ . ورَوَى الضحَّاكُ عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا : أنَّ الساهرةَ أرضٌ من فضةٍ لم يُعصَ الله تعالَى عليهَا قطْ خلقَها حينئذٍ ، وقيلَ : هيَ أرضٌ يجددها الله عزَّ وجلَّ يومَ القيامةِ ، وقيلَ : هيَ اسمُ الأرضِ السابعةِ يأتِي بها الله تعالَى فيحاسبُ الخلائقَ عليها وذلك حين تبدلُ الأرضُ غيرَ الأرضِ ، وقال الثوريُّ : الساهرةُ أرضُ الشامِ ، وقال وهبُ بنُ منبهٍ{[818]} : جبلُ بيتِ المقدسِ ، وقيل : الساهرةُ بمَعْنى الصحراء على شفيرِ جهنمَ .


[818]:ذكره ابن الجوزي (9/20) بدون سند.