اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ} (14)

وقوله : » فإذَا هُمْ «المفاجأة والسبب هنا واضحان .

والزجرة : قال ابن عباس رضي الله عنهما : في النَّفخةِ الواحدة «فإذا هُمْ » أي : الخلائق أجمعون ، «بالساهرة » أي : على وجه الأرض من الفلاة ، وصفت بما يقع فيها ، وهو السهر لأجل الخوف{[59259]} .

وقيل : لأن السراب يجري فيها من قولهم : «عين ساهرة » أي : جارية الماء ، وفي ضدها نائمة .

[ قال الزمخشري{[59260]} : «والساهرةُ : الأرض البيضاء المستوية ، سميت بذلك ؛ لأن السراب يجري فيها ]{[59261]} من قولهم : عين ساهرة : أي : جارية الماء ، وفي ضدِّها نائمة ؛ قال الأشعثُ بن قيسٍ : [ الطويل ]

5093- وسَاهِرةٍ يُضْحِي السَّرابُ مُجَلِّلاً *** لأقْطَارِهَا قدْ جُبْتُهَا مُتلثِّماً{[59262]}

أي : ساكنها لا ينام خوف الهلكة انتهى ؛ وقال أميَّةُ : [ الوافر ]

5094- وفِيهَا لَحْمُ سَاهِرةٍ وبَحْرٍ*** ومَا فَاهُوا به لهُمُ مُقِيمُ{[59263]}

يريد : لحم حيوان أرض ساهرة ؛ وقال أبو كبير الهذليُّ : [ الكامل ]

5095- يَرْتدْنَ سَاهِرةً كَأنَّ جَمِيمهَا *** وعَمِيمَهَا أسْدافُ ليْلٍ مُظْلِمِ{[59264]}

وقال الراغب : هي وجه الأرض .

وقيل : أرض القيامة ، وحقيقتها التي يكثر الوطء بها ، كأنَّها سهرت من ذلك .

والأسهران : عرقان في الأنف .

والساهور : غلافُ القمر الذي يدخل فيه عند كسوفه ؛ قال : [ البسيط ]

5096-*** . . . أوْ شُقَّةٌ خَرجتْ مِنْ بَطْنِ سَاهُورِ{[59265]}

أي : هذه المرأة بمنزلة قطعة القمرِ . وقال أمية بن أبي الصلت : [ الكامل ]

5097- *** قَمَرٌ وسَاهُورٌ يُسلُّ ويُغْمَدُ{[59266]} ***

وروى الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : «السَّاهرة : أرض من فضَّةٍ لم يُعْصَ اللهُ عليها مُنْذُ خَلقهَا »{[59267]} .

وقيل : أرض يجددها الله يوم القيامة .

وقيل : السَّاهرة : اسم الأرض السابعة يأتي الله بها ، فيحاسب عليها الخلائقَ ، وذلك حين تبدَّلُ الأرض غير الأرض .

وقال الثَّوري : السَّاهرة : أرضُ » الشَّام « .

وقال وهبُ بن منبه : جبلُ بيتِ المقدسِ .

وقال عثمانُ بنُ أبي العاتكةِ : إنَّه اسم مكان من الأرض بعينه ، ب «الشام » ، وهو الصقع الذي بين جبل «أريحَا » وجبل «حسَّان » يمُدُّه الله كيف يشاء .

وقال قتادةُ : هي جهنَّم{[59268]} ، أي : فإذا هؤلاءِ الكُفَّار في جهنَّم ، وإنَّما قيل لها : ساهرة ؛ لأنَّهُم لا ينامون عليها حينئذ .

وقيل : السَّاهرة بمعنى : الصحراء على شفيرِ جهنَّم ، أي : يوقفون بأرض القيامة ، فيدوم السهر حينئذ .


[59259]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (16/129)، عن ابن عباس.
[59260]:ينظر الكشاف 4/694.
[59261]:سقط من: أ.
[59262]:ينظر الكشاف 4/695، والسراج المنير 4/478، والدر المصون 6/473.
[59263]:ينظر معاني القرآن للفراء 3/232، والقرطبي 19/130، واللسان (سهر)، والبحر 8/410، والدر المصون 6/473.
[59264]:ينظر ديوان الهذليين 2/111، والقرطبي 19/130، واللسان (سدف)، و(سهر) ، والبحر 8/410، والدر المصون 6/473.
[59265]:ينظر اللسان (سهر)، والقرطبي 19/130، والدر المصون 6/473.
[59266]:عجز بيت وصدره: *** لاتقص فيه غير أن خبيثه *** ينظر ابن يعيش 3/25، والخصائص 2/453، والخزانة 2/232، واللسان (سهر)، والصحاح (سهر).
[59267]:ينظر تفسير القرطبي (19/129)، عن ابن عباس.
[59268]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/431)، عن قتادة وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/512)، وعزاه إلى ابن المنذر. وينظر تفسير الماوردي (6/197)، والبغوي (4/444)، والقرطبي (19/130).