معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا} (90)

قوله تعالى : { حتى إذا بلغ مطلع الشمس } أي : موضع طلوعها { وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً } ، قال قتادة والحسن : لم يكن بينهم وبين الشمس ستر ، وذلك أنهم كانوا في مكان لا يستقر عليه بناء ، فكانوا يكونون في أسراب لهم ، حتى إذا زالت الشمس عنهم خرجوا إلى معايشهم وحروثهم . وقال الحسن : كانوا إذا طلعت الشمس يدخلون الماء ، فإذا ارتفعت عنهم خرجوا يتراعون كالبهائم . وقال الكلبي : هم قوم عراة ، يفترش أحدهم إحدى أذنيه ، ويلتحف بالأخرى .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا} (90)

{ حتى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشمس } أى : حتى إذا كر راجعا وبلغ منتهى الأرض المعمورة فى زمنه من جهة المشرق .

{ وجدها } أى الشمس { تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً } أى : لم نجعل لهم من دون الشمس ما يستترون به من البناء أو اللباس ، فهم قوم عراة يسكنون الأسراب والكهوف فى نهاية المعمورة من جهة المشرق .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا} (90)

ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض كما قال الله تعالى : { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ }

أي : أمة { لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا } أي : ليس لهم بناء يكنهم ، ولا أشجار تظلهم وتسترهم من حر الشمس .

قال سعيد بن جبير : كانوا حُمرًا قصارًا ، مساكنهم الغيران ، أكثر معيشتهم من السمك .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا سهل{[18473]} بن أبي الصلت ، سمعت الحسن وسئل عن قوله تعالى : { لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا } قال : إن أرضهم{[18474]} لا تحمل البناء فإذا طلعت الشمس تغوروا{[18475]} في المياه ، فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم . قال{[18476]} الحسن : هذا حديث سمرة{[18477]} .

وقال قتادة : ذكر لنا أنهم بأرض لا تنبت لهم شيئًا ، فهم إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب ، حتى إذا زالت{[18478]} الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم .

وعن سلمة بن كُهَيْل أنه قال : ليس لهم أكنان ، إذا طلعت الشمس طلعت عليهم ، فلأحدهم أذنان يفترش إحداهما{[18479]} ويلبس الأخرى .

قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا } قال : هم الزنج{[18480]} .

وقال ابن جريج في قوله : { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا } قال : لم يبنوا فيها بناء قط ، ولم يبن عليهم فيها بناء قط ، كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابًا لهم{[18481]} حتى تزول الشمس ، أو دخلوا البحر ، وذلك أن أرضهم ليس فيها{[18482]} جبل ، جاءهم جيش مرة فقال لهم أهلها : لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها . قالوا : لا نبرح حتى تطلع الشمس ، ما هذه العظام ؟ قالوا : هذه جيفُ جيش طلعت عليهم الشمس هاهنا فماتوا . قال : فذهبوا هاربين في الأرض .


[18473]:في أ: "سهيل".
[18474]:في ت: "أرضيكم".
[18475]:في ت: "فقعدوا"، وفي أ: "يغوروا".
[18476]:في ت، ف: "فقال".
[18477]:ورواه الطبري في تفسيره (16/12) من طريق إبراهيم بن المستمر، عن أبي داود به.
[18478]:في ت: "غربت".
[18479]:في ف، أ: "واحدة".
[18480]:تفسير عبد الرزاق (1/346).
[18481]:في ت: "أسرابا بهم".
[18482]:في أ: "بها".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا} (90)

القول في تأويل قوله تعالى : { ثُمّ أَتْبَعَ سَبَباً * حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىَ قَوْمٍ لّمْ نَجْعَل لّهُمْ مّن دُونِهَا سِتْراً * كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً } .

يقول تعالى ذكره : ثم سار وسلك ذو القرنين طرقا ومنازل ، كما :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ثُمّ أتْبَعَ سَبَبا يعني منزلاً .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ثُمّ أتْبَعَ سَبَبا : منازل الأرض ومعالمها . حتى إذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونها سِتْرا : يقول تعالى ذكره : ووجد ذو القرنين الشمس تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ، وذلك أن أرضهم لا جبل فيها ولا شجر ، ولا تحتمل بناء ، فيسكنوا البيوت ، وإنما يغورون في المياه ، أو يَسْرُبون في الأسراب . كما :

حدثني إبراهيم بن المستمر ، قال : حدثنا سليمان بن داود وأبو داود ، قال : حدثنا سهل بن أبي الصلت السراج ، عن الحسن تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونها سِتْرا قال : كانت أرضا لا تحتمل البناء ، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس تغوروا في الماء ، فإذا غربت خرجوا يتراعون ، كما ترعى البهائم ، قال : ثم قال الحسن : هذا حديث سَمُرة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة حتى إذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونها سِتْرا ذُكِر لنا أنهم كانوا في مكان لا يستقرّ عليه البناء ، وإنما يكونون في أسراب لهم ، حتى إذا زالت عنهم الشمس خرجوا إلى معايشهم وحروثهم ، قال : كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج في قوله : وَجَدَها تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونها سِتْرا قال : لم يبنوا فيها بناء قَطّ ، ولم يُبْنَ عليهم فيها بناء قَطّ ، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس دخلوا أسرابا لهم تزول الشمس ، أو دخلوا البحر ، وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل ، وجاءهم جيش مرّة ، فقال لهم أهلها : لا تطلُعَنّ عليكم الشمس وأنتم بها ، فقالوا : لا نبرح حتى تطلع الشمس ، ما هذه العظام ؟ قالوا : هذه جِيفَ جيش طلعت الشمس ها هنا فماتوا ، قال : فذهبوا هاربين في الأرض .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله : تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونها سِتْرا قال : بلغنا أنهم كانوا في مكان لا يثبت عليهم بناء ، فكانوا يدخلون في أسراب لهم إذا طلعت الشمس ، حتى تزول عنهم ، ثم يخرجون إلى معايشهم .

وقال آخرون : هم الزّنج . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونها سِتْرا قال : يقال : هم الزّنْج .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا} (90)

وقرأ الجمهور «مطلِع » بكسر اللام ، وقرأ الحسن بخلاف وابن كثير وأهل مكة «مَطلَع الشمس » بفتح اللام ، و «القوم » : الزنج ، قاله قتادة وهم الهنود وما وراءهم{[3]} ، وقال النقاش في قوله { لم نجعل لهم من دونها ستراً } معناه : أنه لهم بنيان ، إذ لا تحمل أرضهم البناء ، وإنما يدخلون من حر الشمس في أسراب ، وقيل يدخلون في ماء البحر ، قاله الحسن وقتادة وابن جريج ، وكثر النقاش في غيره في هذا المعنى ، والظاهر من اللفظ أنها عبارة بليغة عن قرب الشمس منهم وفعلها ، لقدرة الله تعالى فيهم ، ونيلها منهم ، ولو كان لهم أسراب تغني لكان ستراً كثيفاً ، وإنما هم في قبضة القدرة ، سواء كان لهم أسراب أو دور أو لم يكن ، ألا ترى أن الستر ، عندنا نحن ، إنما هو من السحاب والغمام وبرد الهوى ، ولو سلط الله علينا الشمس لأحرقتنا ، فسبحان المنفرد بالقدرة التامة .


[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.