إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا} (90)

{ حتى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشمس } يعني الموضِعَ الذي تطلع عليه الشمسُ أولاً من معمورة الأرض ، وقرئ بفتح اللام على تقدير مضاف أي مكان طلوعِ الشمس فإنه مصدر ، قيل : بلغه في اثنتي عشرة سنة ، وقيل : في أقلَّ من ذلك بناء على ما ذكر من أنه سُخّر له السحابُ وطُويَ له الأسباب { وَجَدَهَا تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مّن دُونِهَا سِتْراً } من اللباس والبناء ، قيل : هم الزَّنْج . وعن كعب : أن أرضَهم لا تُمسك الأبنية وبها أسرابٌ ، فإذا طلعت الشمسُ دخلوا الأسرابَ أو البحر ، فإذا ارتفع النهارُ خرجوا إلى معايشهم ، وعن بعضهم : خرجتُ حتى جاوزت الصينَ فسألت عن هؤلاء فقالوا : بينك وبينهم مسيرةُ يومٍ وليلةٍ ، فبلغتُهم فإذا أحدُهم يفرُش أُذنه ويلبَس الأخرى ومعي صاحبٌ يعرِف لسانهم ، فقالوا له : جئتنا تنظرُ كيف تطلُع الشمس ، قال : فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغُشيَ عليّ ثم أفقتُ وهم يمسحونني بالدُّهن ، فلما طلعت الشمسُ على الماء إذا هو فوق الماء كهيئة الزيت فأدخلونا سرَباً لهم ، فلما ارتفع النهارُ خرجوا إلى البحر يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضَج لهم ، وعن مجاهد : من لا يلبَس الثيابَ من السودان عن مطلع الشمس أكثرُ من جميع أهلِ الأرض .