اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا} (90)

{ حتى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ } أي : موضع طلوعها { وَجَدَهَا تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً } .

قال الحسنُ وقتادة{[21303]} : لم يكن بينهم وبين الشمس ستراً ، وليس هناك شجرٌ ، ولا جبلٌ ، ولا أبنيةٌ ، تمنع [ طلوع ]{[21304]} الشمس عليهم ؛ لأنَّهم كانوا في مكان لا يستقرُّ عليهم بناءٌ ، وكانوا يكونون في أسراب لهم ، حتَّى إذا زالت الشمس عنهم ، خرجوا إلى معايشهم وحروثهم .

وقال الحسن{[21305]} : كانوا إذا طلعت الشمس ، يدخلون الماء ، فإذا ارتفعت عنهم ، خرجوا فرعوا ؛ كأنَّهم بهائمُ .

قال الكلبيُّ{[21306]} : هم قومٌ عراةٌ ؛ كسائر الحيوان ، يفترشُ أحدهم أذنيه ؛ أحدهما تحته ، ويلتحفُ بالأخرى .

فصل فيما يروى عن السد

ذكروا في بعض كتب التفسير : أن بعضهم ، قال{[21307]} : سافرت ، حتَّى جاوزت الصِّين ، فسألت عن هؤلاء القوم ، فقيل : بينك وبينهم مسيرة يوم وليلةٍ ، فبلغتهم ، فإذا أحدهم يفترش إحدى أذنيه ، ويلبس الأخرى ، فلما قرب طلوع الشمس ، سمعت صوتاً كهيئة الصَّلصلة ، فغُشي عليَّ ، ثم أفقتُ ، فلمَّا طلعت الشمس ؛ إذ هي فوق الماءِ ؛ كهيئة الزيت ، فأدخلونا سرباً لهم ، فلما ارتفع النَّهار ، جعلوا يصطادون السَّمك فيطرحونه في الشمس ؛ فينضج .

قوله : { مَطْلِعَ الشمس } .

العامَّة على كسر اللام من " مَطْلِع " والمضارعُ " يَطلُع " بالضم ، فكان القياس فتح اللام في المفعل مطلقاً ، ولكنَّها مع أخواتٍ لها سمع فيها الكسر ، وقياسها الفتح ، وقد قرأ{[21308]} به الحسن ، وعيسى ، وابن محيصن ، ورويت عن ابن كثيرٍ ، وأهل مكة ، قال الكسائي : " هذه اللغة قد ماتت " يعني : أي : بكسر اللام من المضارع ، والمفعل ، وهذا يشعرُ أنَّ من العرب من كان يقول : طَلَع يَطلِعُ ، بالكسر في المضارع .


[21303]:ينظر : معالم التنزيل 3/179.
[21304]:في ب: وقوع.
[21305]:ينظر: معالم التنزيل 3/179.
[21306]:ينظر: المصدر السابق.
[21307]:ينظر: الفخر الرازي 21/143.
[21308]:ينظر: الإتحاف 2/224، والقرطبي 11/36، والبحر 6/152،والدر المصون 4/481.