الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا} (90)

{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً } ، قال قتادة : لم يكن بينهم وبين الشمس ستر ؛ وذلك أنهم كانوا في مكان لا يستقر عليهم بناء ، وأنهم كانوا في شرب لهم ، حتّى إذا زالت الشمس عنهم ، خرجوا إلى معايشهم وحروثهم .

وقال الحسن : كانت أرضهم أرضاً لا تحتمل البناء ، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس تهوّروا في الماء ، فإذا ارتفعت عليهم خرجوا فتراعوا كما تراعى البهائم . وقال ابن جريج : جاءهم جيش مرّة فقال لهم أهلها : لا تطلع عليكم الشمس وأنتم بها ، فقالوا : ما نبرح حتّى تطلع الشمس . وقالوا : ما هذه العظام ؟ قالوا : هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس ها هنا فماتوا . قال : فذهبوا هاربين في الأرض . قال قتادة : ويقال : إنهم الزنج . وقال الكلبي : هم تاريس وتاويل ومنسك عراة حفاة عماة عن الحق ، قال : وحدثنا عمرو بن مالك بن أُميّة قال : وجدت رجلاً بسمرقند يحدّث الناس وهم مجتمعون حوله ، فسألت بعض من سمع حديثه فأخبرني أنّه حدّثهم عن القوم الذين تطلع عليهم الشمس قال : خرجت حتّى جاوزت الصين ثمّ سألت عنهم فقيل لي : إن بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة . فاستأجرت رجلاً فسرت بقية عشيتي وليلتي حتّى صبحتهم ، فإذا أحدهم يفرش أُذنه ويلبس الأُخرى قال : وكان صاحبي يحسن لسانهم فسألهم وقال : جئنا ننظر كيف تطلع الشمس . قال : فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغشي عليّ فوقعت فأفقت ، وهم يمسحونني بالدهن ، فلما طلعت الشمس على الماء إذا هي على الماء كهيئة الزيت وإذا طرف السماء كهيئة الفسطاط ، فلمّا ارتفعت أدخلوني سربالهم أنا وصاحبي ، فلّما ارتفع النهار خرجوا إلى البحر فجعلوا يصطادون السّمك فيطرحونه في الشمس فينضج .