معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (35)

قوله تعالى : { يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم } ، أي : يأتكم . قيل : أراد جميع الرسل . وقال مقاتل : أراد بقوله : { يا بني آدم } مشركي العرب ، وبالرسل محمداً صلى الله عليه وسلم وحده .

قوله تعالى : { يقصون عليكم آياتي } ، قال ابن عباس : فرائضي وأحكامي .

قوله تعالى : { فمن اتقى وأصلح } ، أي : اتقى الشرك ، وأصلح عمله ، وقيل : أخلص ما بينه وبين ربه .

قوله تعالى : { فلا خوف عليهم } ، إذا خاف الناس .

قوله تعالى : { ولا هم يحزنون } ، أي : إذا حزنوا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (35)

ثم أورد القرآن بعد ذلك النداء الرابع والأخير لبنى آدم ، وحضهم فيه على اتباع الرسل ، والسير على الطريق المستقيم فقال : { يابني ءَادَمَ . . . . } .

المعنى : يا بنى آدم إن يأتكم رسل من أبناء جنسكم ، يتلون عليكم آياتى التي أنزلتها عليهم لهدايتكم فآمنوا بهم وعزروهم وانصروهم ، فإن من آمن بهم واتقى ما نهاه عنه به ، وأصلح نفسه وعمله ، فأولئك لا خوف عليهم يوم القيامة ، ولا هم يحزنون لمفارقتهم الدنيا ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (35)

ثم أنذر تعالى بني آدم بأنه سيبعث إليهم رسلا يقصون عليهم آياته ، وبَشر وحذر فقال : { فَمَن اتَّقَى وَأَصْلَحَ } أي : ترك المحرمات وفعل الطاعات { فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَابَنِيَ آدَمَ إِمّا يَأْتِيَنّكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ يَقُصّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتّقَىَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } .

يقول تعالى ذكره معرّفا خلقه ما أعدّ لحزبه وأهل طاعته والإيمان به وبرسوله ، وما أعدّ لحزب الشيطان وأوليائه والكافرين به وبرسله : يا بَنِي آدَمَ إمّا يَأتِنَنّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يقول : إن يجئكم رسلي الذين أرسلهم إليكم بدعائكم إلى طاعته والانتهاء إلى أمري ونهي منكم ، يعني : من أنفسكم ، ومن عشائركم وقبائلكم . يَقُصّون عَلَيْكُمْ آياتِي يقول : يتلون عليكم آيات كتابي ، ويعرّفونكم أدلتي وأعلامي على صدق ما جاءوكم به من عندي ، وحقيقة ما دعوكم إليه من توحيدي . فَمَنْ اتّقَى وأصْلَحَ يقول : فمن آمن منكم بما أتاه به رسلي مما قصّ عليه من آياتي وصدّق واتقى الله ، فخافه بالعمل بما أمره به والانتهاء عما نهاه عنه ، على لسان رسوله . وأَصْلَحَ يقول : وأصلح أعماله التي كان لها مفسدا قبل ذلك من معاصي الله بالتحوّب منها . فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يقول : فلا خوف عليهم يوم القيامة من عقاب الله إذا وردوا عليه . وَلاهُمْ لا يَحْزنُونَ على ما فاتهم من دنياهم التي تركوها ، وشهواتهم التي تجنبوها ، اتباعا منهم لنهي الله عنها إذا عاينوا من كرامة الله ما عاينوا هنالك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا هشام أبو عبد الله ، قال : حدثنا هياج ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، عن أبي سيار السلمي ، قال : إن الله جعل آدم وذرّيته في كفه ، فقال : يا بَنِي آدَمَ إمّا يَأْتِيَنّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصّونَ عَلَيْهِمْ آياتِي فَمَنِ اتّقَى وأصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، ثم نظر إلى الرسل فقال : يا أيّها الرّسُلُ كُلُوا مِنَ الطّيّباتِ وَاعْمَلُوا صَالِحا إنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإنّ هَذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً واحِدَةً وأنا رَبكُمْ فاتّقُونِ ثم بثهم .

فإن قال قائل : ما جواب قوله : إمّا يأْتِنَنّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ؟ قيل : قد اختلف أهل العربية في ذلك ، فقال بعضهم في ذلك : الجواب مضمر ، يدلّ عليه ما ظهر من الكلام ، وذلك قوله : فَمَنِ اتّقَى وأصْلَحَ وذلك لأنه حين قال : فمَنِ اتّقَى وأصْلَحَ كأنه قال : فأطيعوهم .

وقال آخرون منهم : الجواب : «فمن اتقى » ، لأن معناه ، فمن اتقى منكم وأصلح . قال : ويدلّ على أن ذلك كذلك ، تبعيضه الكلام ، فكان في التبعيض اكتفاء من ذكر «منكم » .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (35)

وقوله تعالى : { يا بني آدم } الآية ، الخطاب في هذه الآية لجميع العالم . و «إن » الشرطية دخلت عليها «ما » مؤكدة . ولذلك جاز دخول النون الثقيلة على الفعل ، وإذا لم تكن «ما » لم يجز دخول النون الثقيلة . وقرأ أبي كعب والأعرج «تأتينكم » على لفظ الرسل . «وجاء يقصون » على المعنى .

وكأنه هذا الخطاب لجميع الأمم قديمها وحديثها هو متمكن لهم ومتحصل منه لحاضري محمد عليه السلام أن هذا حكم الله في العالم منذ أنشأه . و { يأتينكم } مستقبل وضع موضع ماض ليفهم أن الإتيان باق وقت الخطاب لتقوى الإشارة بصحة النبوة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا على مراعاة وقت نزول الآية ، وأسند الطبري إلى أبي سيار السلمي قال إن الله تعالى جعل آدم وذريته في كفه فقال { يا بني آدم أما يأتينكم رسل منكم } الآية ، قال ثم نظر إلى الرسل فقال { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } ثم بثهم .

قال القاضي أبو محمد : ولا محالة أن هذه المخاطبة في الأزل وقيل المراد بالرسل محمد عليه السلام .

قال القاضي أبو محمد : من حيث لا نبي بعده ، فكأن المخاطبين هم المراد ببني آدم لا غير ، إذ غيرهم لم ينله الخطاب ، ذكره النقاش . و { يقصون } معناه يسردون ويوردون . و «الآيات » لفظ جامع لآيات الكتب المنزلة وللعلامات التي تقترن بالأنبياء ، وقوله : { فمن اتقى وأصلح } يصح أن تكون «من » شرطية وجوابه { فلا خوف عليهم } وهذه الجملة هي في جواب الشرط الأول الذي هو { إما يأتينكم } ويصح أن تكون «من » في قوله { فمن اتقى } موصولة ، وكأنه قصد بالكلام تقسيم الناس فجعل القسم الأول { فمن اتقى } والقسم الثاني { والذين كذبوا بآياتنا } . وجاء هذا التقسيم بجملته جواباً للشرط في قوله { إما يأتينكم } فكأنه قال إن أتتكم رسل فالمتقون لا خوف عليهم ، والمكذبون أصحاب النار ، أي هذا هو الثمرة وفائدة الرسالة : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } [ الأنعام : 144 ، الأعراف : 37 ، يونس : 17 ، الكهف : 15 ] أي ليس ثم نفع للمفتري ولا غرض دنياوي . فالآية تبرية للنبي صلى الله عليه وسلم ، من الافتراء وتوبيخ للمفترين من الكفار . و { لا } في قوله { لا خوف } بمعنى ليس ، وقرأ ابن محيصن «لا خوف » دون تنوين ، ووجهه إما أن يحذف التنوين لكثرة الاستعمال وإما حملاً على حذفه مع «لا » وهي تبرية ناصبة تشبه حالة الرفع في البناء بحالة النصب ، وقيل : إن المراد فلا الخوف ، ثم حذفت الألف واللام وبقيت الفاء على حالها لتدل على المحذوف ، ونفي الخوف والحزن يعم جميع أنواع مكاره النفس وأنكادها ، ويشبه أن يكون الخوف لما يستقبل من الأمور والحزن لما مضى منها .