معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

قوله تعالى :{ وأزلفنا } يعني : وقربنا { ثم الآخرين } يعني : قوم فرعون ، يقول : قدمناهم إلى البحر ، وقربناهم إلى الهلاك ، وقال أبو عبيدة : وأزلفنا جمعنا ، ومنه ليلة المزدلفة أي : ليلة الجمع . وفي القصة أن جبريل كان بين بني إسرائيل وقوم فرعون وكان يسوق بني إسرائيل ، ويقولون : ما رأينا أحسن سياقة من هذا الرجل ، وكان يزع قوم فرعون ، وكانوا يقولون : ما رأينا أحسن زعة من هذا . { وأنجينا موسى ومن معه أجمعين* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

وسار موسى ومن معه فى الطريق اليابس بين أمواج البحر - بقدرة الله - تعالى - ، { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخرين } أى : وقربنا - بقدرتنا وحكمتنا - هنالك القوم الآخرين وهم فرعون وجنوده . أى : قربناهم من موسى وقومه فدخلوا وراءهم فى الطريق الذى سلكوه بين أمواج البحر ، فماذا كانت النتيجة ؟

كانت النتيجة أن خرج موسى ومن معه سالمين ، أما فرعون وجنوده فقد انطبق عليهم البحر فأغرقهم أجمعين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

قال ابن عباس ، وعطاء الخراساني ، وقتادة ، والسدي : { وأزلفنا } أي : قربنا فرعون وجنوده من البحر وأدنيناهم إليه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَزْلَفْنَا ثَمّ الاَخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَىَ وَمَن مّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمّ أَغْرَقْنَا الاَخَرِينَ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مّؤْمِنِينَ * وَإِنّ رَبّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ } .

يعني بقول تعالى ذكره : وأزْلَفْنا ثَمّ الاَخَرِينَ : وقرّبنا هنالك آل فرعون من البحر ، وقدمناهم إليه ، ومنه قوله : وأُزْلفَتِ الجَنّةُ للْمُتّقِينَ بمعنى : قربت وأُدنيت ومنه قول العجاج :

طَيّ اللّيالي زُلَفا فَزُلَفا *** سَماوَةَ الهِلالِ حتى احْقَوْقَفَا

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قوله وأزْلَفْنا ثَمّ الاَخَرِينَ قال : قرّبنا .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله وأزْلَفْنا ثَمّ الاَخَرِينَ قال : هم قوم فرعون قرّبهم الله حتى أغرقهم في البحر .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : دنا فرعون وأصحابه بعد ما قطع موسى ببني إسرائيل البحر من البحر فلما نظر فرعون إلى البحر منفلقا ، قال : ألا ترون البحر فرِق مني ، قد تفتح لي حتى أدرك أعدائي فأقتلهم ، فذلك قول الله وأزْلَفْنا ثَمّ الاَخَرِينَ يقول : قرّبنا ثم الاَخرين هم آل فرعون فلما قام فرعون على الطرق ، وأبت خيله أن تتقحم ، فنزل جبرائيل صلى الله عليه وسلم على ماذيانة ، فتشامّتْ الحُصُن ريح الماذيانة فاقتحمت في أثرها حتى إذا همّ أوّلهم أن يخرج ودخل آخرهم ، أمر البحر أن يأخذهم ، فالتطم عليهم ، وتفرّد جبرائيل بمقلة من مقل البحر ، فجعل يدسها في فيه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله ، قال : أقبل فرعون فلما أشرف على الماء ، قال أصحاب موسى : يا مكلم الله إن القوم يتبعوننا في الطريق ، فاضرب بعصاك البحر فاخلطه ، فأراد موسى أن يفعل ، فأوحى الله إليه : أن اترك البحر رَهْوا : يقول : أمره على سكناته إنّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ إنما أمكر بهم ، فإذا سلكوا طريقكم غرقتهم فلما نظر فرعون إلى البحر قال : ألا ترون البحر فِرق مني حتى تفتح لي ، حتى أدرك أعدائي فأقتلهم فلما وقف على أفواه الطرق وهو على حصان ، فرأى الحصان البحر فيه أمثال الجبال هاب وخاف ، وقال فرعون : أنا راجع ، فمكر به جبرائيل عليه السلام ، فأقبل على فرس أنثى ، فأدناها من حصان فرعون ، فطفق فرسه لا يقرّ ، وجعل جبرائيل يقول : تقدم ، ويقول : ليس أحد أحقّ بالطريق منك ، فتشامّت الحُصُن الماذيانة ، فما ملك فرعون فرسه أن ولج على أثره فلما انتهى فرعون إلى وسط البحر ، أوحى الله إلى البحر : خذ عبدي الظّالم وعبادي الظلمة ، سلطاني فيك ، فإني قد سلطتك عليهم ، قال : فتغطغطت تلك الفرق من الأمواج كأنها الجبال ، وضرب بعضها بعضا فلما أدركه الغرق قالَ آمَنْتُ أنّه لا إلَهَ إلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسرَائيلَ وأنا مِنَ المُسْلِمِينَ وكان جبرائيل صلى الله عليه وسلم شديد الأسف عليه لما ردّ من آيات الله ، ولطول علاج موسى إياه ، فدخل في أسفل البحر ، فأخرج طينا ، فحشاه في فم فرعون لكيلا يقولها الثانية ، فتدركه الرحمة ، قال : فبعث الله إليه ميكائيل يعبره : آلاَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ وقال جبرائيل : يا محمد ما أبغضت أحدا من خلق الله ما أبغضت اثنين أحدهما من الجنّ وهو إبليس ، والاَخر فرعون قالَ أنَا رَبّكُمُ الأَعْلى ولقد رأيتني يا محمد ، وأنا أحشو في فيه مخافة أن يقول كلمة يرحمه الله بها . وقد زعم بعضهم أن معنى قوله : وأزْلَفْنا ثَمّ الاَخَرِينَ وجمعنا ، قال : ومنه ليلة المزدلفة ، قال : ومعنى ذلك : أنها ليلة جمع . وقال بعضهم : وأزلفنا ثم وأهلكنا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

{ وأزلفنا } وقربنا . { ثم الآخرين } فرعون وقومه حتى دخلوا على أثرهم مداخلهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

{ وأزلفنا } معناه قربنا ، وقرأ ابن عباس عن أبي بن كعب «وأزلقنا » بالقاف ونسبها أو الفتح إلى عبد الله بن الحارث{[8943]} ، وقرأ أبو حيوة والحسن «زلفنا » بغير ألف وذلك أن فرعون لما وصل إلى البحر وقد دخل بنو إسرائيل قيل إنه صمم ومخرق ، بأن قال لي انفرق ، فدخل على ذلك ، وقيل بل كع{[8944]} وهم بتدبير الانصراف فعرض جبريل على فرس وديق{[8945]} فمضى وراءه حصان فرعون ، فدخل على نحو هذا وتبعه الناس ، وروي أن الله تعالى جعل ملائكة تسوق قومه حتى حصولهم في البحر ، ثم إن موسى وقومه خرجوا إلى البر من تلك الطرق ولما أحسوا باتباع فرعون وقومه فزعوا من أن يخرج وراءهم ، فهم موسى بخلط البحر فحينئذ قيل له : اترك البحر رهواً{[8946]} ، ولما تكامل جند فرعون وهو مقدمهم بالخروج انطبق عليهم البحر وغرقوا ، ودخل موسى عليه السلام البحر بالطول . وخرج في الضفة التي دخل منها بعد مسافة وكان بين موضع دخوله وموضع خروجه أوعار وجبال ولا تسلك إلا على تخليق الأيام ، وكان ذلك في يوم عاشوراء ، وقال النقاش البحر الذي انفلق لموسى نهر النيل بين إيلة ومصر .

قال القاضي أبو محمد : وهذا مردود إن شاء الله .


[8943]:قال أبو الفتح في كتابه "المحتسب" بعد أن نسب القراءة إلى عبد الله: "من قرأ: [وأزلفنا] بالفاء فالآخرون موسى عليه السلام وأصحابه، ومن قرأها بالقاف فالآخرون فرعون وأصحابه، أي: أهلكنا ثم الآخرين، أي : فرعون وأصحابه".
[8944]:كع: جبن وضعف، يقال: كع كعا وكعوعا فهو وكاع. (المعجم الوسيط).
[8945]:يعني أنها فرس استسلمت لحصان فرعون، بأن قربت منه، وأمكنته منها، واستأنست له، وفي المثل: "ودق العير إلى الماء" أي: دنا منه، يضرب لمن خضع للشيء. (راجع الصحاح والمعجم الوسيط).
[8946]:من الآية 24 من سورة الدخان.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

{ أزلفنا } قربنا وأدنينا ، مشتق من الزلف بالتحريك وهو القرب . والظاهر أن فعله كفرح . ويقال : ازدلف : اقترب ، وتزلف : تقرب ، فهمزة { أزلفنا } للتعدية .

والمعنى أن الله جرأهم حتى أرادوا اقتحام طرق البحر كما رأوا فعل بني إسرائيل يظنون أنه ماء غير عميق .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

قوله تعالى: {وأزلفنا ثم الآخرين}، يعني: هناك الآخرين، قربنا فرعون وجنوده في مسالك بني إسرائيل.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني بقول تعالى ذكره:"وأزْلَفْنا ثَمّ الآخَرِينَ": وقرّبنا هنالك آل فرعون من البحر، وقدمناهم إليه... عن قَتادة، في قوله "وأزْلَفْنا ثَمّ الآخَرِينَ "قال: هم قوم فرعون قرّبهم الله حتى أغرقهم في البحر...

وقد زعم بعضهم أن معنى قوله: "وأزْلَفْنا ثَمّ الآخَرِينَ": وجمعنا، قال: ومنه ليلة المزدلفة، قال: ومعنى ذلك: أنها ليلة جمع. وقال بعضهم: وأزلفنا ثم: وأهلكنا.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ} حيث انفلق البحر {الآخرين} قوم فرعون، أي: قربناهم من بني إسرائيل: أو أدنينا بعضهم من بعض، وجمعناهم حتى لا ينجو منهم أحد، أو قدمناهم إلى البحر. وقرىء: «وأزلقنا»، بالقاف، أي: أزللنا أقدامهم. والمعنى: أذهبنا عزهم...

ويحتمل أن يجعل الله طريقهم في البحر على خلاف ما جعله لبني إسرائيل يبساً فيزلقهم فيه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وتم تدبير الله. فخرج بنو إسرائيل من الشاطىء الآخر، بينما كان فرعون وجنوده بين فرقي الماء أجمعين. وقد قربهم الله لمصيرهم المحتوم: (وأزلفنا ثم الآخرين. وأنجينا موسى ومن معه أجمعين).. (ثم أغرقنا الآخرين)!!!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمعنى أن الله جرأهم حتى أرادوا اقتحام طرق البحر كما رأوا فعل بني إسرائيل يظنون أنه ماء غير عميق.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

... {وأزلفنا ثم الآخرين} أي: قربناهم من منتصف البحر، ثم أطبقه الله عليهم حين أمر الماء أن يعود إلى سيولته وقانون استطراقه، وهكذا ينجي الله ويهلك بالشيء الواحد.