اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ} (64)

قوله : «وَأَزْلَفْنَا » أي : قربنا من النجاة ، و «ثَمَّ » ظرف مكان بعيد ، و «الآخرِينَ » هم موسى وأصحابه{[37268]} . وقرأ الحسن وأبو حيوة : «وَزَلَفْنَا » ثلاثياً{[37269]} .

وقال أبو عبيدة : أَزْلَفْنَا : جمعنا ، ومنه : ليلة المزدلفة ، أي : ليلة الجمع{[37270]} .

وفي القصة أن جبريل كان بين بني إسرائيل وقوم فرعون ، وكان يسوق بني إسرائيل ويقول : ليلحق آخركم بأولكم ، ويستقبل القبط ، ويقول : رويدكم لكي يلحق آخركم . وقرأ أبيّ وابن عباس وعبد الله بن الحارث بالقاف{[37271]} ، أي : أزللنا ، والمراد ب «الآخرين » في هذه القراءة : فرعون وقومه{[37272]} . والمعنى : جعلنا طريقهم في البحر زلقاً على خلاف ما جعله لبني إسرائيل يبساً فيزلقهم فيه .


[37268]:هذا على خلاف ما جاء في كتب التفسير، قال الزمخشري: ("الآخرين" قوم فرعون، أي قربناهم من بني إسرائيل، أو أدنينا بعضهم من بعض وجمعناهم حتى لا ينجو منهم أحد، أو قدمناهم إلى البحر) الكشاف 3/116، وانظر القرطبي 13/107، البحر المحيط 7/20.
[37269]:تفسير ابن عطية 11/118، البحر المحيط 7/20.
[37270]:مجاز القرآن 2/87.
[37271]:المختصر (107)، المحتسب 2/129، البحر المحيط 7/20.
[37272]:قال ابن جني: ( من قرأ "وأزلفنا" بالفاء فالآخرين موسى-عليه السلام- وأصحابه، ومن قرأها بالقاف فالآخرون فرعون وأصحابه أي: أهلكنا ثم الآخرين، أي فرعون وأصحابه) المحتسب 2/129.