معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ قَبَضۡنَٰهُ إِلَيۡنَا قَبۡضٗا يَسِيرٗا} (46)

قوله تعالى : { ثم قبضناه } يعني الظل ، { إلينا قبضاً يسيراً } بالشمس التي تأتي عليه ، والقبض : جمع المنبسط من الشيء ، معناه : أن الظل يعم جميع الأرض قبل طلوع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قبض الله الظل جزءاً فجزءاً قبضاً يسيراً ، أي : خفياً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ قَبَضۡنَٰهُ إِلَيۡنَا قَبۡضٗا يَسِيرٗا} (46)

وقوله - تعالى - : { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً } معطوف - أيضا - على " مد " وداخل فى حكمه .

والقبض : ضد المد والبسط ، واليسير : السهل الذى لا عسر فيه .

أى : ثم قبضنا ذلك الظل المدود بقدرتنا وحكمتنا - قبضا يسيرا وهينا علينا .

بأن محوناه بالتدريج عند إيقاعنا الشمس عليه . حتى انتهى أمره إلى الزوال والاضمحلال .

وقال - سبحانه - : { إِلَيْنَا } للتنصيص على أن مد الظل وقبضه مرجعه إليه - تعالى - وحده . فليس فى إمكان أحد سواه - عز وجل - أن يفعل ذلك .

قال صاحب الكشاف : قوله : { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً } أى : على مهل . وفى هذا القبض اليسير شيئا بعد شىء من النمافع مالا يعد ولا يحصر . ولو قبض دفعة واحدة لتعطلت أكثر مرافق الناس بالظل والشمس جميعا .

فإن قلت : " ثم " فى هذين الموضعين كيف موقعها ؟ قلت : موقعها لبيان تفاضل الأمور الثلاثة : كان الثانى أعظم من الأول ، والثالث أعظم منهما ، تشبيها لتباعد ما بينهما فى الفضل ، بتباعد ما بين الحوادث فى الوقت . . . ويحتمل أن يريد قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهى الأجرام التى تبقى الظل ، فيكون قد ذكر إعدامه بإعدام أسبابه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ قَبَضۡنَٰهُ إِلَيۡنَا قَبۡضٗا يَسِيرٗا} (46)

وقوله : { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا } أي : الظل ، وقيل : الشمس . { يسيرا } أي : سهلا . قال ابن عباس : سريعاً . وقال مجاهد : خفياً . وقال السّدي : قبضاً خفَياً ، حتى لا يبقى في الأرض ظل إلا تحت سقف أو تحت شجرة ، وقد أظلت الشمس ما فوقه .

وقال أيوب بن موسى : { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا } أي : قليلا قليلا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ثُمَّ قَبَضۡنَٰهُ إِلَيۡنَا قَبۡضٗا يَسِيرٗا} (46)

وقوله : ثُمّ قَبَضْناهُ إلَيْنا قَبْضا يَسِيرا يقول تعالى ذكره : ثم قبضنا ذلك الدليل من الشمس على الظلّ إلينا قبضا خفيا سريعا بالفيء الذي نأتي به بالعشيّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ثُمّ قَبضْناهُ إلَيْنَا قَبْضا يَسِيرا قال : حوى الشمس الظلّ . وقيل : إن الهاء التي في قوله ثُمّ قَبَضْناهُ إلَيْنا عائدة على الظلّ ، وإن معنى الكلام : ثم قبضنا الظلّ إلينا بعد غروب الشمس وذلك أن الشمس إذا غربت غاب الظلّ الممدود ، قالوا : وذلك وقت قبضه .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله يَسِيرا فقال بعضهم : معناه : سريعا . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : ثُمّ قَبَضْناهُ إلَيْنا قَبْضا يَسِيرا يقول : سريعا .

وقال آخرون : بل معناه : قبضا خفيا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن مجاهد ثُمّ قَبَضْناهُ إلَيْنا قَبْضا يَسِيرا قال : خفيا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج قَبْضا يَسِيرا قال : خفيا ، قال : إن ما بين الشمس والظلّ مثل الخيط ، واليسير الفعيل من اليسر ، وهو السهل الهيّن في كلام العرب . فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك ، يتوجه لما روي عن ابن عباس ومجاهد ، لأن سهولة قبض ذلك قد تكون بسرعة وخفاء . وقيل إنما قيل ثُمّ قَبَضْناهُ إلَيْنا قبْضا يَسِيرا لأن الظلّ بعد غروب الشمس لا يذهب كله دفعة ، ولا يقبل الظلام كله جملة ، وإنما يقبض ذلك الظلّ قبضا خفيا ، شيئا بعد شيء ويعقب كل جزء منه يقبضه ، جزء من الظلام .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ قَبَضۡنَٰهُ إِلَيۡنَا قَبۡضٗا يَسِيرٗا} (46)

{ ثم قبضناه إلينا } أي أزلناه بإيقاع الشمس موقعه لما عبر عن أحداثه بالمد بمعنى التسيير عبر عن إزالته بالقبض إلى نفسه الذي هو في معنى الكف . { قبضنا يسيرا } قليلا قليلا حسبما ترتفع الشمس لينتظم بذلك مصالح الكون ويتحصل به ما لا يحصى من منافع الخلق ، و{ ثم } في الموضعين لتفاضل الأمور أو لتفاضل مبادئ أوقات ظهورها ، وقيل { مد الظل } لما بنى السماء بلا نير ، ودحا الأرض تحتها فألقت عليها ظلها ولو شاء لجعله ثابتا على تلك الحالة ، ثم خلق الشمس عليها دليلا ، أي مسلطا عليه مستتبعا إياه كما يستتبع الدليل المدلول ، أو دليل الطريق من يهديه فإنه يتفاوت بحركتها ويتحول بتحولها ، { ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا } شيئا فشيئا إلى أن تنتهي غاية نقصانه ، أو { قبضا } سهلا عند قيام الساعة يقبض أسبابه من الأجرام المظلة والمظل عليها .