فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ثُمَّ قَبَضۡنَٰهُ إِلَيۡنَا قَبۡضٗا يَسِيرٗا} (46)

وقوله { ثُمَّ قبضناه } معطوف أيضاً على مَدَّ داخل في حكمه . والمعنى : ثم قبضنا ذلك الظلّ المدود ، ومحوناه عند إيقاع شعاع الشمس موقعه بالتدريج حتى انتهى ذلك الإظلال إلى العدم والإضمحلال . وقيل المراد في الآية قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه ، وهي الأجرام النيرة . والأوّل أولى . والمعنى : أن الظلّ يبقى في هذا الجوّ من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فإذا طلعت الشمس صار الظل مقبوضاً ، وخلفه في هذا الجوّ شعاع الشمس ، فأشرقت على الأرض ، وعلى الأشياء إلى وقت غروبها ، فإذا غربت فليس هناك ظلّ ، إنما فيه بقية نور النهار وقال قوم : قبضه بغروب الشمس ، لأنها إذا لم تغرب ، فالظلّ فيه بقية ، وإنما يتمّ زواله بمجيء الليل ، ودخول الظلمة عليه .

وقيل المعنى : ثم قبضنا ضياء الشمس بالفيء { قَبْضاً يَسِيراً } ومعنى { إِلَيْنَا } : أن مرجعه إليه سبحانه كما أن حدوثه منه قبضاً يسيراً : أي على تدريج قليلاً قليلاً بقدر ارتفاع الشمس ، وقيل يسيراً سريعاً ، وقيل المعنى يسيراً علينا : أي يسيراً قبضه علينا ليس بعسير .

/خ54