قوله تعالى : { وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون*وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه } كما أنزل على الأنبياء من قبل ، قرأ ابن كثير ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر : آية على التوحيد ، وقرأ الآخرون : آيات من ربه ، قوله عز وجل : { قل إنما الآيات عند الله } وهو القادر على إرسالها إذا شاء أرسلها ، { وإنما أنا نذير مبين } أنذر أهل المعصية بالنار ، وليس إنزال الآيات بيدي .
ثم قصت علينا السورة الكريمة بعد ذلك طرفاً من أقوال المشركين الفاسدة وأمرت الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم بما يزهق باطلهم ، كما قصت علينا لونا من ألوان جهالاتهم ، حيث استعجلوا الذى لا يستعجله عاقل . فقال - تعالى - : { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ . . . مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .
ومرادهم بالآيات فى قوله - تعالى - : { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ } الآيات الكونية ، كعصا موسى ، وناقة صالح . ولولا حرف تحضيض بمعنى هلا .
أى : وقال المبطلون للنبى صلى الله عليه وسلم على سبيل التعنت والعناد ، هلا جئتنا يا محمد بمعجزات حسية كالتى جاء بها بعض الأنبياء من قبلك ، لكى نؤمن بك ونتبعك ؟
وقوله : { قُلْ إِنَّمَا الآيات عِندَ الله وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } إرشاد من الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم إلى ما يرد به عليهم .
أى : قل - أيها الرسول - الكريم - فى ردك على هؤلاء الجاهلين ، إنما الآيات التى تريدونها عند الله - تعالى - وحده ، ينزلها حسب إرادته وحكمته ، أما أنا فإن وظيفتى الإِنذار الواضح بسوء مصير من أعرض عن دعوتى ، وليس من وظيفتى أن أقترح على الله - تعالى شيئاً .
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين في تعنتهم وطلبهم آيات - يعنون - ترشدهم إلى أن محمدا رسول الله كما جاء صالح بناقته ، قال الله تعالى : { قُلْ } يا محمد : { إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ } أي : إنما أمر ذلك إلى الله ، فإنه لو علم أنكم تهتدون لأجابكم إلى سؤالكم ؛ لأن ذلك سهل عليه ، يسير لديه ، ولكنه يعلم منكم أنما قصدكم التعنت والامتحان ، فلا يجيبكم إلى ذلك ، كما قال تعالى : { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا } [ الإسراء : 59 ] .
وقوله : { وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : إنما بعثت نذيرًا لكم بَيِّنَ النذارة فَعَليَّ أن أبلغكم رسالة الله و { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } [ الكهف : 17 ] ، وقال تعالى : { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [ البقرة : 272 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مّن رّبّهِ قُلْ إِنّمَا الاَيَاتُ عِندَ اللّهِ وَإِنّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مّبِينٌ } .
يقول تعالى ذكره : وقالت المشركون من قريش : هلا أنزل على محمد آية من ربه تكون حجة لله علينا كما جعلت الناقة لصالح ، والمائدة آية لعيسى ، قل يا محمد ، إنما الاَيات عند الله لا يقدر على الإتيان بها غيره وَإنمَا أنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ وإنما أنا نذير لكم أنذركم بأس الله وعقابه على كفركم برسوله . وما جاءكم به من عند ربكم . مبين يقول : قد أبان لكم إنذاره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.