ثم بين - سبحانه - بعد ذلك جانباً من مظاهر فضله على عباده ، وأقام الأدلة على وحدانيته وقدرته ، فقال - تعالى - : { هُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ . . . كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } .
وقوله - تعالى - : { هُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأرض } بيان لجانب من فضله - تعالى - على بنى آدم .
و { خَلاَئِفَ } جملة خليفة ، وهو من يخلف غيره .
أى : هو - سبحانه - الذى جعلكم خلفاء فى أرضه ، وملككم كنوزها وخيراتها ومنافعها ، لكى تشكروه على نعمه ، وتخلصوا له العبادة والطاعة .
أو جعلكم خلفاء لمن سبقكم من الأمم البائدة ، فاعتبروا بما أصابهم من النقم بسبب إعراضهم عن الهدى ، واتبعوا ما جاءكم به من رسولكم صلى الله عليه وسلم .
وقوله { فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أى : فمن كفر بالحق الذى جاءه به الرسول صلى الله عليه وسلم واستمر على ذلك ، فعلى نفسه يكون وبال كفره لا على غيره .
{ وَلاَ يَزِيدُ الكافرين كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً } أى : لا يزيدهم إلا بغضاً شديداً من ربهم لهم ، واحتقارهم لحالهم وغضباً عليهم . .
فالمقت : مصدر بمعنى البغض والكراهية ، وكانوا يقولون لمن يتزوج امرأة أبيه وللولد الذى يأتى عن طريق هذا الزواج ، المقتى ، أى : المبغوض .
{ وَلاَ يَزِيدُ الكافرين كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } أى : ولا يزيدهم إصرارهم على كفرهم إلا خسارا وبوارا وهلاكا فى الدنيا والآخرة .
فالآية الكريمة تنفر اشد التنفير من الكفر ، وتؤكد سوء عاقبته ، تارة عن طريق بيان أنه مبغوض من الله - تعالى - ، وتارة عن طريق بيان أن المتلبس به ، لن يزداد إلا خسراناً وبوارا .
ثم قال : { هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ } أي : يخلف قوم لآخرين قبلهم ، وجيل لجيل قبلهم ، كما قال : { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ } [ النمل : 62 ]{ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أي : فإنما يعود وبال ذلك{[24615]} على نفسه{[24616]} دون غيره ، { وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا } أي : كلما استمروا على كفرهم أبغضهم الله ، وكلما استمروا فيه خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، بخلاف المؤمنين فإنهم كلما طال عمر أحدهم وحَسُن عمله ، ارتفعت درجته ومنزلته في الجنة ، وزاد أجره وأحبه خالقه وبارئه رب العالمين ، [ فسبحان المقدر المدبر رب العالمين ] . {[24617]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.