معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا} (42)

قوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } يعني : كفار مكة لما بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم قالوا : لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم ، وأقسموا بالله وقالوا لو أتانا رسول لنكونن أهدى ديناً منهم ، وذلك قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بعث محمد كذبوه ، فأنزل الله عز وجل : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } { لئن جاءهم نذير } رسول ، { ليكونن أهدى من إحدى الأمم } يعني : من اليهود والنصارى ، { فلما جاءهم نذير } محمد صلى الله عليه وسلم ، { ما زادهم إلا نفورا } أي : ما زادهم مجيئه إلا تباعداً عن الهدى .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا} (42)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بما كان عليه المشركون من نقض العهود ، ومن مكر سئ حاق بهم ، ودعاهم - سبحانه - إلى الاعتبار بمن سبقهم ، وبين لهم جانباً من مظاهر فضله عليهم . ورأفته بهم فقال - تعالى - : { وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ . . كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } .

قال القرطبى : قوله - تعالى - : { وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أهدى مِنْ إِحْدَى الأمم } هم قريش أقسموا قبل أن يبعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم حين بلغهم أن أهل الكتاب ، كذبوا رسلهم ، فلعنوا من كذب نبيه منهم . .

و { جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } أى : أقوى أيمانهم وأغلظها والجهد : الطاقة والوسع والمشقة .

يقال : جهد نفسه يجهدها فى الأمر ، إذا بلغ بها أقصى وسعها وطاقتها فيه .

والمراد : أنهم أكدوا الأيمان ووثقوها ، بكل ألفاظ التوكيد والتوثيق .

أى : أن كفار مكة ، أقسموا بالله - تعالى - قسماً مؤكداً موثقاً مغلظاً ، { لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } أى : نبى ينذرهم بأن الكفر باطل وأن الإِيمان بالله هو الحق .

{ لَّيَكُونُنَّ أهدى } سبيلا { مِنْ إِحْدَى الأمم } أى : ليكونن أهدى من اليهود ومن النصارى ومن غيرهم فى اتباعهم وطاعتهم ، لهذا الرسول الذى يأتيهم من عند ربهم لهدايتهم إلى الصراط المستقم .

{ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذى هو أشرف الرسل .

{ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } أى : ما زادهم مجيئه لهم نفورا عن الحق ، وتباعدا عن الهدى . أى : أنهم قبل مجئ الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يتمنون أن يكون الرسول منهم ، لا من غيرهم ، وأقسموا بالله بأنهم سيطيعونه فلما جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم نفروا عنه ولم يؤمنوا به .

وإنما كان القسم بالله - تعالى - غاية أيمانهم ، لأنهم كانوا يحلفون بآبائهم وبأصنامهم ، فإذا اشتد عليهم الحال ، وأرادوا تحقيق الحق ، حلفوا بالله - تعالى - .

وقوله { لَّيَكُونُنَّ } جواب القسم المقدر . وقوله : { مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } جواب لمَّا

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا} (42)

يخبر تعالى عن قريش والعرب أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم ، قبل إرسال الرسول إليهم : { لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ } أي : من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل . قاله الضحاك وغيره ، كقوله تعالى : { أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا } [ الأنعام : 156 ، 157 ] ، {[24631]} وكقوله تعالى : { وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [ الصافات : 167 - 170 ] .

قال الله تعالى : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ } - وهو : محمد صلى الله عليه وسلم - بما أنزل معه من الكتاب العظيم ، وهو القرآن المبين ، { مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا } ، أي : ما ازدادوا{[24632]} إلا كفرًا إلى كفرهم .


[24631]:- في ت : "أو يقولوا".
[24632]:- في ت : "ما زادوهم".