معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا} (18)

{ عيناً فيها تسمى سلسبيلاً } قال قتادة : سلسلة منقادة لهم يصرفونها حيث شاءوا ، قال مجاهد : حديدة الجرية . قال أبو العالية ومقاتل بن حيان : سميت سلسبيلاً لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى أهل الجنان وشراب الجنة على برد الكافور وطعم الزنجبيل وريح المسك . قال الزجاج : سميت سلسبيلاً لأنها في غاية السلاسة تتسلسل في الحلق ، ومعنى قوله : { تسمى } أي توصف لأن أكثر العلماء على أن سلسبيلاً صفة لا اسم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا} (18)

والسلسبيل وصف قيل مشتق من السلاسة بمعنى السهولة واللين ، يقال : ماء سلْسَل ، أى : عذب سائغ للشاربين ، ومعنى { تسمى } على هذا الرأى . أى : توصف بالسلاسة والعذوبة .

وقيل : السلسبيل : اسم لهذه العين ، لقوله - تعالى - { تسمى } .

أى : أن هؤلاء الأبرار - بجانب كل ما تقدم من نعم - يسقون فى الجنة من كأس مليئة بالخمر ، وهذه الخمر التى يشربونا ممزجة بالزنجبيل ، فتزداد لذة على لذتها .

ويسقون - أيضا - من عين فيها - أى : فى الجنة - تسمى سلسبيلا ، وذلك لسلاسة مائها ولذته وعذوبته ، وسهولة نزوله إلى الحلق .

قال صاحب الكشاف : { سَلْسَبِيلاً } سميت بذلك - لسلاسة انحدارها فى الحلق ، وسهولة مساغها يعنى : أنها فى طعم الزنجبيل ، وليس فيها لذعة ، ولكن فيها نقيض اللذع وهو السلاسة ، فقال : شراب سلسل وسلسال وسلسبيل ، وقد زيدت الباء فى التركيب حتى صارت الكلمة خماسية . ودلت على غاية السلاسة . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا} (18)

وهي كذلك تملأ من عين جارية تسمى سلسبيلا ، لشدة عذوبتها واستساغتها لدى الشاربين !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا} (18)

وانتصب { عيناً } على البدل من { زنجبيلاً } كما تقدم في قوله : { كان مزاجها كافوراً عيناً يشرب بها عباد الله } [ الإنسان : 5 ، 6 ] .

ومعنى كون الزنجبيل عيناً : أن منقوعه أو الشراب المستخرج منه كثير كالعين على نحو قوله تعالى : { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } [ محمد : 15 ] ، أي هو كثير جداً وكان يعرف في الدنيا بالعزة .

و ( سلسبيل ) : وصف قيل مشتق من السلاسة وهي السهولة واللين فيقال : ماء سلسل ، أي عذب بارد . قيل : زيدت فيه الباء والياء ( أي زيدتا في أصل الوضع على غير قياس ) .

قال التبريزي في « شرح الحماسة » في قول البعيث بن حُرَيْث :

خَيالٌ لأمِّ السَّلْسبيل ودُونَها *** مسيرة شهر للبريد المذبذب

قال أبو العلاء : السلسبيل الماء السهل المَساغ . وعندي أن هذا الوصف ركب من مادتي السلاسة والسَّبَالة ، يقال : سبلت السماء ، إذا أمطرت ، فسبيل فعيل بمعنى مفعول ، رُكب من كلمتي السلاسة والسبيل لإِرادة سهولة شربه ووفرة جريه . وهذا من الاشتقاق الأكبر وليس باشتقاق تصريفي .

فهذا وصف من لغة العرب عند محققي أهل اللغة . وقال ابن الأعرابي : لم أسمع هذه اللفظة إلاّ في القرآن ، فهو عنده من مبتكرات القرآن الجارية على أساليب الكلام العربي ، وفي « حاشية الهمذاني على الكشاف » نسبة بيت البعث المذكور آنفاً مع بيتين بعده إلى أمية بن أبي الصلت وهو عزو غريب لم يقله غيره .

ومعنى { تسمى } على هذا الوجه ، أنها توصف بهذا الوصف حتى صار كالعلم لها كما قال تعالى : { لَيُسَمُّونَ الملائكة تسميةَ الأنثى } [ النجم : 27 ] أي يصفونهم بأنهم إناث ، ومنه قوله تعالى : { هل تعلم له سَمِيّاً } [ مريم : 65 ] أي لا مثيل له . فليس المراد أنه علَم .

ومن المفسرين من جعل التسمية على ظاهرها وجعل { سلسبيلاً } علماً على هذه العين ، وهو أنسب بقوله تعالى : { تسمَّى . } وعلى قول ابن الأعرابي والجمهور : لا إشكال في تنوين { سلسبيلاً } . وأما الجواليقي : إنه أعجمي سمّي به ، يكون تنوينه للمزاوجة مثل تنوين { سلاسلا } [ الإنسان : 4 ] .

وهذا الوصف ينحلّ في السمع إلى كلمتين : سَل ، سَبيلا ، أي اطلُب طريقاً . وقد فسره بذلك بعض المفسرين وذكر أنه جُعل عَلَماً لهذه العين من قبيل العلَم المنقول عن جملة مثل : تَأبط شراً ، وذَرَّى حَبّاً . وفي « الكشاف » أن هذا تكلف وابتداع .