الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا} (18)

و { سَلْسَبِيلاً } لسلاسة انحدارها في الحلق وسهولة مساغها ، يعني : أنها في طعم الزنجبيل وليس فيها لذعه ، ولكن نقيض اللذع وهو السلاسة . يقال : شراب سلسل وسلسال وسلسبيل ، وقد زيدت الباء في التركيب حتى صارت الكلمة خماسية . ودلت على غاية السلاسة . قال الزجاج : السلسبيل في اللغة : صفة لما كان في غاية السلاسة . وقرىء «سلسبيل » على منع الصرف ، لاجتماع العلمية والتأنيث : وقد عزوا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن معناه سل سبيلا إليها ، وهذا غير مستقيم على ظاهره .

إلا أن يراد أن جملة قول القائل : سل سبيلاً ، جعلت علما للعين ، كما قيل : تأبط شراً ؛ وذرّى حباً ؛ وسميت بذلك لأنه لا يشرب منها إلا من سأل إليها سبيلاً بالعمل الصالح ، وهو مع استقامته في العربية تكلف وابتداع ؛ وعزوُه إلى مثل علي رضي الله عنه أبدع وفي شعر بعض المحدثين :

سَلْ سَبِيلاً فِيهَا إلَى رَاحَةِ النَّفْ *** سِ بِرَاحٍ كَأَنَّهَا سَلْسَبِيلُ

و { عَيْناً } بدل من { زَنجَبِيلاً } وقيل : تمزج كأسهم بالزنجبيل بعينه . أو يخلق الله طعمه فيها . و { عَيْناً } على هذا القول : مبدلة من { كَأْساً } كأنه قيل : ويسقون فيها كأساً كأس عين . أو منصوبة على الاختصاص .