وتنتهي مقدمة السورة بالتعقيب الذي يتكرر في السورة بعد استعراض كل آية :
( وإن ربك لهو العزيز الرحيم ) . .
( العزيز )القوي القادر على إبداع الآيات ، وأخذ المكذبين بالعذاب( الرحيم )الذي يكشف عن آياته ، فيؤمن بها من يهتدي قلبه ؛ ويمهل المكذبين ؛ فلا يعذبهم حتى يأتيهم نذير . وفي آيات الكون غنى ووفرة ، ولكن رحمته تقتضي أن يبعث بالرسل للتبصير والتنوير . والتبشير والتحذير .
وقوله : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ } أي : الذي عَزّ كلَّ شيء وقهره وغلبه ، { الرحيم } أي : بخلقه ، فلا يعجل على مَنْ عصاه ، بل ينظره ويؤجله ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر .
قال أبو العالية ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، و[ محمد{[21696]} ] بن إسحاق : العزيز في نقمته وانتصاره ممن خالف أمره وعبد غيره .
وقوله : وَإنّ رَبّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرّحِيمُ يقول : وإن ربك يا محمد لهو العزيز في نقمته ، لا يمتنع عليه أحد أراد الانتقام منه . يقول تعالى ذكره : وإني إن أحللت بهؤلاء المكذّبين بك يا محمد ، المعرِضين عما يأتيهم من ذكر من عندي ، عقوبتي بتكذيبهم إياك ، فلن يمنعهم مني مانع ، لأني أنا العزيز الرحيم ، يعني أنه ذو الرحمة بمن تاب من خلقه من كفره ومعصيته ، أن يعاقبه على ما سلف من جُرْمه بعد توبته . وكان ابن جُرَيج يقول في معنى ذلك ، ما :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني الحجاج ، عن ابن جُرَيج قال : كلّ شيء في الشعراء من قوله «عَزِيزٌ رَحِيمٌ » فهو ما أهلك ممن مضى من الأمم ، يقول عزيز ، حين انتقم من أعدائه ، رحيم بالمؤمنين ، حين أنجاهم مما أهلك به أعداءه .
قال أبو جعفر : وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك في هذا الموضع ، لأن قوله : وَإنّ رَبّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرّحِيمُ عقيب وعيد الله قوما من أهل الشرك والتكذيب بالبعث ، لم يكونوا أهلكوا ، فيوجه إلى أنه خبر من الله عن فعله بهم وإهلاكه . ولعلّ ابن جُرَيج بقوله هذا أراد ما كان من ذلك عقيب خبر الله عن إهلاكه من أهلك من الأمم ، وذلك إن شاء الله إذا كان عقيب خبرهم كذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.