معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِي مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (61)

{ على أن نبدل أمثالكم } يعني : نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم ، { وننشئكم } نخلقكم { في ما لا تعلمون } من الصور ، قال مجاهد : في أي خلق شئنا . وقال الحسن : أي نبدل صفاتكم فنجعلكم قردة وخنازير ، كما فعلنا بمن كان قبلكم ، يعني : إن أردنا أن نفعل ذلك ما فاتنا ذلك . وقال سعيد بن المسيب :{ في ما لا تعلمون } يعني : في حواصل طير سود ، تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف ، وبرهوت واد باليمن .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِي مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (61)

وقوله - تعالى - : { على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ } متعلق بقوله : { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت . . } .

والمراد بتبديل أمثالهم : إيجاد قوم آخرين من ذرية أولئك الذين ماتوا .

والمعنى : نحن وحدنا الذين قدرنا بينكم الموت وحددناه على حسب مشيئتنا ونحن الذين فى قدرتنا أن نبدل من الذين ماتوا منكم أشباها لهم ، نوجدهم بقدرتنا - أيضا - كما قال - سبحانه - : { وَرَبُّكَ الغني ذُو الرحمة إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُمْ مَّا يَشَآءُ كَمَآ أَنشَأَكُمْ مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ } ويصح أن يكون قوله - تعالى - : { قَدَّرْنَا } بمعنى قضينا وكتبنا ، ويكون قوله : { على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ } متعلق بقوله { بِمَسْبُوقِينَ } ، ويكون المراد بتبديل أمثالهم . إيجاد قوم آخرين سواهم .

والمعنى : نحن الذين وحدنا كتبنا عليكم ، وقضيناه على جميع الخلق فكل نفس ذائقة الموت ، وما نحن بمغلوبين على إهلاككم ، وعلى خلق أمثالكم بدلا منكم كما قال - تعالى - : { ياأيها الناس أَنتُمُ الفقرآء إِلَى الله والله هُوَ الغني الحميد إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى الله بِعَزِيزٍ } وقوله - سبحانه - : { وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } بيان للون آخر من ألوان قدرته - تعالى - .

أى : نحن لسنا بعاجزين ولا بمغلوبين . . . على أن نهلككم ونأتى بدلا منكم بغيركم . ولسنا - أيضا - بعاجزين على أن ننشئكم بعد إهلاككم فيما لا تعلمونه من الصور ، والهيئات ، والصفات .

قال صاحب الكشاف : قوله - تعالى - : { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت } أى : قدرناه تقديرا ، وقسمناه عليكم قسمة الرزق على اختلاف وتفاوت كما تقتضيه مشيئتنا فاختلف أعماركم من قصير وطويل ومتوسط .

وقوله : { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } يقال : سبقته على الشىء إذا أعجزته عنه ، وغلبته عليه ، ولم تمكنه منه ، فمعنى قوله { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ } أنا قادرون على ذلك لا تغلبوننا عليه . وأمثالكم جمع مثل - بسكون الثاء - أى : على أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم من الخلق { وَ } على أن { نُنشِئَكُمْ } فى خلق لا تعلمونها وما عهدتم مثلها . يعنى أنا نقدر على الأمرين جميعا : على خلق ما يماثلكم وما لا يماثلكم ، فيكف نعجز عن إعادتكم .

ويجوز أن يكون أمثالكم جمع مثل ، بفتحتين أى : على أن نبدل ونغير صفاتكم التى أنتم عليها فى خلقكم وأخلاقكم ، وننشئكم فى صفات لا تعلمونها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِي مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (61)

57

( على أن نبدل أمثالكم ) . .

لعمارة الأرض والخلافة فيها بعدكم . والله الذي قدر الموت هو الذي قدر الحياة . قدر الموت على أن ينشئ أمثال من يموتون ، حتى يأتي الأجل المضروب لهذه الحياة الدنيا . . فإذا انتهت عند الأجل الذي سماه كانت النشأة الأخرى :

وننشئكم فيما لا تعلمون . .

في ذلك العالم المغيب المجهول ، الذي لا يدري عنه البشر إلا ما يخبرهم به الله . وعندئذ تبلغ النشأة تمامها ، وتصل القافلة إلى مقرها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِي مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (61)

{ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ } أي : نغير خلقكم يوم القيامة ، { وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ } أي : من الصفات والأحوال .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِي مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (61)

وقوله : على أنْ نُبَدّل أمْثالَكُمْ يقول : على أنْ نُبَدّل منكم أمْثالَكَمْ بعد مهلككم فنجيء بآخرين من جنسكم .

وقوله : وَنُنْشِئَكُمْ فِيما لا تَعْلَمُون يقول : ونبدلكم عما تعلمون من أنفسكم فيما لا تعلمون منها من الصور . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَنُنْشِئَكُمْ في أيّ خلق شئنا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِي مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (61)

وقرأ جمهور القراء : «قدّرنا » بشد الدال . وقرأ كثير وحده : «قدَرنا » بتخفيفها . والمعنى فيها يحتمل أن يكون بمعنى قضينا وأثبتنا ، ويحتمل أن يكون بمعنى سوينا ، وعدلنا التقدم والتأخر ، أي جعلنا الموت رتباً ، ليس يموت العالم دفعة واحدة ، بل بترتيب لا يعدوه أحد .

وقال الطبري معنى الآية : «قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم » أي تموت طائفة ونبدلها بطائفة ، هكذا قرناً بعد قرن .

وقوله : { وما نحن بمسبوقين } على تبديلكم إن أردناه وإن ننشئكم بأوصاف لا يصلها عملكم ولا يحيط بها كفركم . قال الحسن : من كونكم قردة وخنازير .

قال القاضي أبو محمد : تأول الحسن هذا ، لأن الآية تنحو إلى الوعيد ، وجاءت لفظة «السبق » هنا على نحو قوله عليه السلام : «فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا لا تفوتنكم »{[10916]} .


[10916]:أخرجه البخاري في المواقيت وفي تفسير سورة (ق) وفي التوحيد، وأبو داود في السنة، والترمذي في الجنة، وابن ماجه في المقدمة، وأحمد في مسنده(4-360، 362، 365)، ولفظه كما جاء في مسند أحمد: قال: سمعت قيس بن أبي حازم يحدث عن جرير، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر، فقال: إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على هاتين الصلاتين قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، ثم تلا هذه الآية:{فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}، قال شعبة: لا أدري قال(فإن استطعتم) أو لم يقل.