روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِي مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (61)

{ على أَن نُّبَدّلَ أمثالكم } أي على أن نذهبكم ونأتي مكانكم أشباهكم من الخلق فالسبق مجاز عن الغلبة استعارة تصريحية أو مجاز مرسل عن لازمه ، وظاهر كلام بعض الأجلة أنه حقيقة في ذلك إذا تعدى بعلي ، والجملة في وضع الحال من ضمير { قَدَّرْنَآ } [ الواقعة : 60 ] وكأن المراد { قَدَّرْنَآ } ذلك ونحن قادرون على أن نميتكم دفعة واحدة ونخلق أشباهكم .

{ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } من الخلق والأطوار التي لا تعهدونها ، وقال الحسن : من كونكم قردة وخنازير ، ولعل اختيار ذلك لأن الآية تنحو إلى الوعيد ، والمراد ونحن قادرون على هذا أيضاً وجوز أن يكون أمثالكم جمع مثل بفتحتين بمعنى الصفة لا جمع مثل بالسكون بمعنى الشبه كما في الوجه الأول أي ونحن نقدر على أن نغير صفاتكم التي أنتم عليها خَلْقاً وَخُلُقاً وننشئكم في صفات لا تعلمونها ، وقيل : المعنى وننشئكم في البعث عل غير صوركم في الدنيا ، وقيل : المعنى وما يسبقنا أحد فيهرب من الموت أو يغير وقته الذي وقتناه ، على أن المراد تمثيل حال من سلم من الموت أو تأخر أجله عن الوقت المعين له بحال من طلبه طالب فلم يلحقه وسبقه ، وقوله تعالى : { على أَن نُّبَدّلَ } الخ في موضع الحال من الضمير المستتر في مسبوقين أي حال كوننا قادرين أو عازمين على تبديل أمثالكم ، والجملة السابقة على حالها ، وقال الطبري : { على أَن نُّبَدّلَ } متعلق بقدّرنا وعلة له وجملة { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } اعتراض ، والمعنى نحن قدرنا بينكم الموت لأن نبدل أمثالكم أي نميت طائفة ونبدلها بطائفة هكذا قرناً بعد قرن .