معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

قوله تعالى : { فكذبوه } ، يعني نوحا { فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف } ، أي : جعلنا الذين معه في الفلك سكان الأرض خلفاء عن الهالكين . { وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين } ، أي : آخر أمر الذين أنذرتهم الرسل فلم يؤمنوا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

ثم بين - سبحانه - العاقبة الطيبة التي آل إليها أمر نوح عليه السلام والعاقبة السيئة التي انتهى إليها حال قومه فقال : { فَكَذَّبُوهُ } أى : فكذب قوم نوح نبيهم نوحا بعد أن دعاهم إلى الحق ليلا ونهارا وسرا وعلانية .

فماذا كانت نتيجة هذا التكذيب ؟ كانت نتيجته كما حكته السورة الكريمة { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ في الفلك } أى : فنجينا نوحا ومن معه من المؤمنين ، بأن أمرناهم أن يركبوا في السفينة التي صنعوها بأمر الله ، حتى لا يغرقهم الطوفان الذي أغرق المكذبين .

وقوله : { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ } أى : وجعلنا هؤلاء الناجين خلفاء في الأرض لأولئك المغرقين الذين كذبوا نبيهم نوحا - عليه السلام - وعموا وصموا عن الحق الذي جاءهم به ودعاهم إليه .

هذه هي عاقبة نوح والمؤمنين معه أما عاقبة من كذبوه فقد بينها - سبحانه - في قوله : { وَأَغْرَقْنَا الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } أى : وأغرقنا بالطوفان الذين كذبوا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا .

{ فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المنذرين } أى : فانظر وتأمل - أيها العاقل - كيف كانت نتيجة تكذيب هؤلاء المنذرين الذين لم تنفع معهم النذر والآيات التي جاءهم بها نبيهم نوح - عليه السلام - .

فالمراد بالأمر بالنظر هنا : التأمل والاتعاظ والاعتبار لا مجرد النظر الخالي عن ذلك .

وهكذا نجد أن من العبر والعظات التي من أجلها ساق الله - تعالى - قصة نوح - عليه السلام - بهذه الصورة الموجزة هنا : إبراز ما كان عليه نوح - عليه السلام - من شجاعة وقوة وهو يبلغ رسالة الله إلى الناس ، واعتماده التام على خالقه ، وتوكله عليه وحده وتحديه السافر للمكذبين الذين وضعوا العراقيل والعقبات في طريق دعوته ، وتحريضه لهم بمثيرات القول على مهاجمته إن كان في إمكانهم ذلك ومصارحته لهم بأنه في غنى عن أموالهم لأن خالقه - سبحانه - قد أغناه عنهم ، وبيان أن سنة الله لا تتخلف ولا تتبدل وهذه السنة تتمثل في أنه - سبحانه - قد جعل حسن العاقبة للمؤمنين وسوء العاقبة للمكذبين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

71

فماذا كان ?

( فكذبوه . فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف . وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا )

هكذا باختصار . نجاته هو ومن معه في الفلك - وهم المؤمنون . واستخلافهم في الأرض على قلتهم . وإغراق المكذبين على قوتهم وكثرتهم :

( فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ) . .

لينظر من ينظر ( عاقبة المنذرين ) المكذبين وليتعظ من يتعظ بعاقبة المؤمنين الناجين .

ويجعل السياق بإعلان نجاة نوح ومن معه ، لأن نوحاً والقلة المؤمنة كانوا يواجهون خطر التحدي للكثرة الكافرة . فلم تكن النتيجة مجرد هلاك هذه الكثرة ، بل كان قبلها نجاة القلة من جميع الأخطار ؛ واستخلافها في الأرض ، تعيد تعميرها وتجديد الحياة فيها ، وتأدية الدور الرئيسي فترة من الزمان .

هذه سنة اللّه في الأرض . وهذا وعده لأوليائه فيها . . فإذا طال الطريق على العصبة المؤمنة مرة ، فيجب أن تعلم أن هذا هو الطريق ، وأن تستيقن أن العاقبة والاستخلاف للمؤمنين ، وألا تستعجل وعد اللّه حتى يجيء وهي ماضية في الطريق . . واللّه لا يخدع أولياءه - سبحانه - ولا يعجز عن نصرهم بقوته ، ولا يسلمهم كذلك لأعدائه . . ولكنه يعلمهم ويدربهم ويزودهم - في الابتلاء - بزاد الطريق .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

وقوله تعالى : { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ } {[14337]} أي : على دينه { فِي الْفُلْكِ } وهي : السفينة ، { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ } أي : في الأرض ، { وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } أي : يا محمد كيف أنجينا المؤمنين ، وأهلكنا المكذبين .


[14337]:- في ت ، أ : "والذين"
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَكَذّبُوهُ فَنَجّيْنَاهُ وَمَن مّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فكذّب نوحا قومه فيما أخبرهم به عن الله من الرسالة والوحي ، فنجيناه ومن معه ممن حمل معه في الفلك ، يعني في السفينة ، وجَعَلْنَاهُمْ خَلاِئفَ يقول : وجعلنا الذين نجينا مع نوح في السفينة خلائف في الأرض من قومه الذين كذّبوه بعد أن أغرقنا الذين كذّبوا بآياتنا ، يعني حججنا وأدلتنا على توحيدنا ، ورسالة رسولنا نوح . يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فانظر يا محمد كيف كان عاقبة المنذرين ، وهم الذين أنذرهم نوح عقاب الله على تكذيبهم إياه وعبادتهم الأصنام ، يقول له جلّ ثناؤه : انظر ماذا أعقبهم تكذيبهم رسولهم ، فإن عاقبة من كذّبك من قومك أن تمادوا في كفرهم وطغيانهم على ربهم نحو الذي كان من عاقبة قوم نوح حين كذّبوه ، يقول جلّ ثناؤه : فليحذروا أن يحلّ بهم مثل الذي حلّ بهم إن لم يتوبوا .