اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

قوله : { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الفلك } .

لمَّا حكى كلام نُوحٍ مع الكُفَّار ، ذكر - تعالى - ما آل أمرهم إليه : أمَّا في حقِّ نُوح وأصحابه ، فنجَّاهم وجعلهم خلائف ، أي : يخلفون من هلك بالغرق ، وأمَّا في حق الكفار فإنَّه - تعالى - أهلكهم وأغرقهم ، وهذه القصَّة إذا سمعها من صدَّق الرسول ومن كذب به ، كانت زجراً للمكذِّبين فإنهم يخافون أن ينزل بهم مثل ما نزل بقوم نُوح ، وتكون داعيةً للمؤمنين إلى الثَّبات على الإيمان ؛ ليصلوا إلى مثل ما وصل إليه قوم نُوح .

قوله { فِي الفلك } يجوز فيه وجهان :

أحدهما : أن يتعلَّق ب " نجَّيناه " ، أي : وقع الإنجاء في هذا المكان .

والثاني : أن يتعلَّق بالاستقرار الذي تعلَّق به الظرفُ ، وهو " معهُ " لوقوعه صلة ، أي : والذين استقرُّوا معه في الفلك ، وقوله : " وجَعلْنَاهُم " أي : صيَّرناهُم ، وجمع الضميرُ في " جَعلْنَاهُمْ " حملاً على معنى " مَنْ " ، و " خَلائِفَ " جمع خليفة ، أي : يخلفُون الغارقين .