فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

{ فكذبوه } أي استمروا على تكذيبه وأصروا على ذلك وليس المراد أحدثوا تكذيبه بعد أن لم يكن .

{ فنجيناه } أي نوحا عليه السلام { ومن معه } أي من قد أجابه وصار على دينه وكانوا ثمانين : أربعين رجلا وأربعين امرأة { في الفلك } أي السفينة والمفرد على وزن قفل والجمع على وزن أسد والمراد هنا المفرد .

{ وجعلناهم } أي الذين نجاهم معه في الفلك حملا على معنى من { خلائف } جمع خليفة والمعنى أنه سبحانه جعلهم خلفاء يسكنون الأرض التي كانت للمهلكين بالغرق ويخلفونهم فيها { وأغرقنا } بالطوفان { الذين كذبوا بآياتنا } من الكفار المعاندين لنوح الذين لم يؤمنوا به ، تأخيره عن ذكر الإنجاء والاستخلاف حسبما وقع في قوله تعالى : { ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا } الآية لإظهار كمال العناية بشأن المقدم ولتعجيل المسرة للسامعين وللإيذان بسبق الرحمة التي هي من مقتضيات الربوبية على الغضب الذي هو من متتبعات جرائم المجرمين { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين } من إهلاكهم فكذلك نفعل بمن كذبك فيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديد للمشركين وتهويل عليهم .