السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

{ فكذبوه } أي : أصرّوا على تكذيبه ، بعدما ألزمهم الحجة ، وبين أن توليتهم ليست إلا لعنادهم وتمردهم لا جرم حقت عليهم كلمة العذاب { فنجيناه } من الغرق { ومن معه في الفلك } أي : السفينة وكانوا ثمانين { وجعلناهم } أي : الذين أنجيناهم معه في الفلك { خلائف } في الأرض يخلقون الهالكين بالغرق { وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا } بالطوفان ، وقوله تعالى : { فانظر } أي : أيها الإنسان أو يا محمد { كيف كان عاقبة المنذرين } تعظيم لما جرى عليهم وتحذير لمن أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثله وتسلية له ، وهذه القصة إذا سمعها من صدّق النبيّ صلى الله عليه وسلم ومن كذب به كان زجراً للمكلفين من حيث يخافون أن ينزل بهم مثل ما نزل بقوم نوح ، وتكون داعية للمؤمنين على الثبات على الإيمان ليصلوا إلى مثل ما وصل إليه قوم نوح ، وهذه الطريقة في الترغيب والتحذير إذا جرت على سبيل الحكاية عمن تقدّم كانت أبلغ من الوعيد المبتدأ ، ولهذا الوجه أكثر تعالى ذكر أقاصيص الأنبياء عليهم السلام .