إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ خَلَـٰٓئِفَ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (73)

{ فَكَذَّبُوهُ } فأصروا على ما هم عليه من التكذيب بعدما ألزمهم الحجةَ وبيّن لهم المَحَجّةَ وحقق أن تولّيَهم ليس له سببٌ غيرُ التمردِ والعناد فلا جرم حقت عليهم كلمةُ العذاب { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن معَهُ في الفلك } من المسلمين وكانوا ثمانين { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ } من الهالكين { وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } أي بالطوفان ، وتأخيرُ ذكره عن ذكر الإنجاءِ والاستخفاف حسبما وقع في قوله عز وعلا : { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ منَّا وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ } [ سورة هود الآية : 94 ] وغيرِ ذلك من الآيات الكريمة لإظهار كمالِ العناية بشأنِ المقدّمِ ولتعجيل المسرةِ للسامعين وللإيذان بسبق الرحمةِ التي هي من مقتضيات الربوبية على الغضب الذي هو من مستتبعات جرائمِ المجرمين { فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المنذرين } تهويلٌ لما جرى عليهم وتحذيرٌ لمن كذب الرسولَ عليه الصلاة والسلام وتسليةٌ له عليه السلام .