معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

{ إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا . فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً } شديداً ثقيلاً ، يعني عاقبناه عقوبة غليظة يخوف كفار مكة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

والفاء فى قوله : { فعصى فِرْعَوْنُ الرسول } للتفريع . أى : أرسلنا إليكم رسولا كما أرسلنا إلأى فرعون رسولا قبل ذلك ، فكانت النتيجة أن عصى فرعون أمر الرسول الذى أرسلناه إليه ، واستهزأ به ، وتطاول عليه فكانت عاقبة هذا التطاول ، أن أخذناه { أَخْذاً وَبِيلاً } .

أى أهلكنا فرعون إهلاكا شديدا ، وعاقبناه عقابا ثقيلا ، فوبيل بزنة فعيل - صفة مشبهة ، مأخوذة من وَبُل المكان ، إذا وَخُم هواؤه وكان ثقيلا رديئا . ويقال : مرعى وبيل ، إذا كان وخما رديئا .

وخص - سبحانه - موسى وفرعون بالذكر ، لأن أخبارهما كانت مشهورة عند أهل مكة .

و { أل } فى قوله { فعصى فِرْعَوْنُ الرسول } للعهد . أى : فعصى فرعون الرسول المعهود عندكم ، وهو موسى - عليه السلام - .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : لم نكر الرسول ثم عرف ؟ قلت : لأنه أراد : أرسلنا إلى فرعون بعض الرسل ، فلما أعاده وهو معهود بالذكر أدخل لام التعريف . إشارة إلى المذكور بعينه . .

وأظهر - سبحانه - اسم فرعون مع تقدم ذكره فقال : { فعصى فِرْعَوْنُ الرسول } ، دون أن يؤتى بضميره ، للإِشعار بفظعة هذا العصيان ، وبلوغه النهاية فى الطغيان .

والمقصود من هاتين الآيتين ، تهديد المشركين ، بأنهم إذا ما استمروا فى تكذيبهم لرسولهم ، محمد صلى الله عليه وسلم فقد يصيبهم من العذاب ما أصاب فرعون عندما عصى موسى - عليه السلام - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

ويلتفت السياق أمام مشهد الهول المفزع ، إلى المكذبين أولي النعمة ، يذكرهم فرعون الجبار ، وكيف أخذه الله أخذ عزيز قهار :

( إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ، فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ) .

هكذا في اختصار يهز قلوبهم ويخلعها خلعا ، بعد مشهد الأرض والجبال وهي ترتجف وتنهار .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

يقول تعالى ذكره : إنا أرْسَلْنا إلَيْكُمْ أيها الناس رَسُولاً شاهِدا عَلَيْكُمْ بإجابة من أجاب منكم دعوتي ، وامتناع من امتنع منكم من الإجابة ، يوم تلقوني في القيامة كمَا أرْسَلْنا إلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً يقول : مثل إرسالنا من قبلكم إلى فرعون مصر رسولاً بدعائه إلى الحقّ ، فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرّسُولَ الذي أرسلناه إليه فأَخَذْناهُ أخْذا وَبِيلاً يقول : فأخذناه أخذا شديدا ، فأهلكناه ومن معه جميعا وهو من قولهم : كلأٌ مستَوْبل ، إذا كان لا يُستمرأ ، وكذلك الطعام . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : أخْذا وَبِيلاً قال : شديدا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : أخْذا وَبِيلاً قال : شديدا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : فأخَذْناهُ أخْذا وَبِيلاً أي شديدا .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة أخْذا وَبِيلاً قال : شديدا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فأخَذْناهُ أخْذا وَبِيلاً قال : الوبيل : الشرّ والعرب تقول لمن تتابع عليه الشرّ : لقد أوبل عليه ، وتقول : أوبلت على شرّك قال : ولم يرض الله بأن غُرّق وعُذّب حتى أقرّ في عذاب مستقرّ حتى يُبعث إلى النار يوم القيامة ، يريد فرعون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

وقوله تعالى : { فعصى فرعون الرسول } يريد موسى عليه السلام ، والألف واللام للعهد . والوبيل : الشديد الرديء العقبى ، ويقال : كلأ وبيل ومستوبل إذا كان ضاراً لما يرعاه{[11399]} .


[11399]:يقال: ماء وبيل: أي وخيم غير مريء، وكلأ مستوبل وطعام وبيل و مستوبل: إذا لم يمرىء ولم يستمرأ.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

وتفريع { فعصى فرعون الرسول } إيماء إلى أن ذلك هو الغرض من هذا الخبر وهو التهديد بأن يحلّ بالمخاطبين لمَّا عصوا الرسول صلى الله عليه وسلم مِثلُ ما حلّ بفرعون .

وفي إظهار اسم فرعون في قوله : { فعصى فرعون } دون أن يؤتَى بضميره للنداء عليه بفظاعة عصيانه الرسول .

ولما جرى ذكر الرسول المرسل إلى فرعون أوّل مرة جيء به في ذكره ثاني مرة معرفاً بلام العهد وهو العهد الذكري ، أي الرسول المذكور آنفاً فإن النكرة إذا أعيدت معرفة باللام كان مدلولها عينَ الأولى .

والأخذ مستعمل في الإِهلاك مجازاً لأنه لما أزالهم من الحياة أشبه فعله أخذ الآخذ شيئاً من موضعه وجعله عنده .

والوبيل : فعيل صفة مشبهة من وبُل المكان ، إذا وَخِم هواؤه أو مَرعَى كَلَئِه ، وقال زهير :

إلى كَلإٍ مُسْتَوبِلٍ مُتَوَخِّم

وهو هنا مستعار لسَيّىءِ العاقبة شديدَ السوء ، وأريد به الغرق الذي أصاب فرعون وقومه .