معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

قوله تعالى : { إذ نادى } ، دعا ، { ربه } ، في محرابه { نداءً خفياً } ، دعا سراً من قومه في جوف الليل .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

قوله : { إِذْ نادى رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً } ظرف لرحمة ربك . والمراد بالنداء : الدعاء الذى تضرع به زكريا إلى ربه - عز وجل - .

أى : هذا الذى قرأناه عليك يا محمد فى أول هذه السورة ، وذكرنا لك ، هو جانب من رحمتنا لعبدنا زكريا . وقت أن نادانا وتضرع إلينا فى خفاء وستر ، ملتمسا منا الذرية الصالحة .

وإنما أخفى زكريا دعاءه ، لأن هذا الإخفاء فيه بعد عن الرياء ، وقرب من الإخلاص ، وقد أمر الله - تعالى - به فى قوله : { ادعوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المعتدين } ويبدو أن هذا الدعاء قد تضرع به زكريا إلى ربه فى أوقات تردده على مريم ، واطلاعه على ما أعطاها الله - تعالى - من رزق وفير .

ويشهد لذلك قوله - تعالى - : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المحراب وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يامريم أنى لَكِ هذا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله إِنَّ الله يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدعآء }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

وقوله : إذْ نادَى رَبّهُ نِدَاءً خَفِيّا يقول حين دعا ربه ، وسأله بنداء خفيّ ، يعني : وهو مستسرّ بدعائه ومسألته إياه ما سأل كراهته منه للرياء ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إذْ نادَى رَبّهُ نِدَاءً خَفِيّا أي سرّا ، وإن الله يعلم القلب النقيّ ، ويسمع الصوت الخفيّ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : إذْ نادَى رَبّهُ نِدَاءً خَفِيّا قال : لا يريد رياء .

حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : رغب زكريا في الولد ، فقام فصلى ، ثم دعا ربه سرّا ، فقال : رَبّ إنّي وَهَنَ العَظْمُ مِنّي . . . إلى وَاجْعَلْهُ رَبّ رَضِيّا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

{ إذ نادى ربه } ظرف ل { رحمتِ } . أي رحمة الله إياه في ذلك الوقت ، أو بدل من { ذكر ، } أي اذكر ذلك الوقت .

والنداء : أصله رفع الصوت بطلب الإقبال . وتقدم عند قوله تعالى : { ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان } في سورة آل عمران ( 193 ) وقوله : { ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها } في [ سورة الأعراف : 43 ] . ويطلق النداء كثيراً على الكلام الذي فيه طلب إقبال الذات لعمل أو إقبال الذهن لوعي كلام ، فلذلك سميت الحروف التي يفتتح بها طلب الإقبال حروف النداء . ويطلق على الدعاء بطلب حاجة وإن لم يكن فيه نداء لأن شأن الدعاء في المتعارف أن يكون جهراً . أي تضرعاً لأنه أوقع في نفس المدعو . ومعنى الكلام : أن زكرياء قال : يا رب ، بصوت خفي .

وإنما كان خفياً لأن زكرياء رأى أنه أدخل في الإخلاص مع رجائه أنّ الله يجيب دعوته لئلا تكون استجابته مما يتحدث به الناس ، فلذلك لم يدعه تضرعاً وإن كان التضرع أعون على صدق التوجه غالباً ، فلعل يقين زكرياء كاف في تقوية التوجه ، فاختار لدعائه السلامة من مخالطة الرياء . ولا منافاة بين كونه نداء وكونه خفياً ، لأنه نداء من يسمع الخفاء .

والمراد بالرحمة : استجابة دعائه ، كما سيصرح به بقوله : { يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى } [ مريم : 7 ] . وإنما حكي في الآية وصف دعاء زكرياء كما وقع فليس فيها إشعار بالثناء على إخفاء الدعاء .