ثم مدح - سبحانه - المكثرون من تلاوة كتابه ، المحافظين على أداء فرائضه فقال : { إِنَّ الذين يَتْلُونَ كِتَابَ الله . . . } .
أى : إن الذين يداومون على قراءة القرآن الكريم بتدبر لمعانيه ، وعمل بتوجيهاته ، { وَأَقَامُواْ الصلاة } بأن أدوها فى مواقيتها بخشوع وإخلاص .
{ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } أى : وبذلوا مما رزقناكم من خيرات ، تارة فى السر وتارة فى العلانية .
وجملة { يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } فى محل رفع خبر إن . والمراد بالتجارة : ثواب الله - تعالى - ومغفرته .
وقوله : { تَبُورَ } بمعنى تكسد وتهلك .
يقال : بار الشئ يبور بورا وبوارا ، إذا هلك وكسد .
أى : هؤلاء الذين يكثرون من قراءة القرآن الكريم ، ويؤدون ما أوجبه الله - تعالى - عليهم ، يرجون من الله - تعالى الثواب الجزيل ، والربح الدائم ، لأنهم جمعوا فى طاعتهم له - تعالى - بين الإِكثار من ذكره ، وبين العبادات البدنية والمالية .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللّهِ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لّن تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } .
يقول تعالى ذكره : إن الذين يقرؤون كتاب الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم وأقامُوا الصّلاةَ يقول : وأدّوا الصلاة المفروضة لمواقيتها بحدودها . وقال : وأقاموا الصلاة بمعنى : ويقيموا الصلاة . وقوله : وأنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرّا وَعَلانِيَةً يقول : وتصدّقوا بما أعطيناهم من الأموال سرّا في خفاء ، وعلانية : جهارا . وإنما معنى ذلك أنهم يؤدّون الزكاة المفروضة ، ويتطوّعون أيضا بالصدقة منه بعد أداء الفرض الواجب عليهم فيه . وقوله : يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ يقول تعالى ذكره : يرجون بفعلهم ذلك تجارة لن تبور : لن تكسد ولن تهلك من قولهم : بارت السوق : إذا كسدت وبار الطعام . وقوله : تِجارَةً جواب لأوّل الكلام .
قال مطرف بن عبد الله بن الشخير هذه آية القراء وهذا على أن { يتلون } بمعنى يقرؤون وإن جعلناها بمعنى يتبعون صح معنى الآية{[9724]} ، وكانت في القراء وغيرهم ممن اتصف بأوصاف الآية ، و { كتاب الله } هو القرآن ، وإقامة الصلاة إقامتها بجميع شروطها ، والنفقة هي في الصدقات ووجوه البر ، فالسر من ذلك هو التطوع والعلانية هو المفروض ، و { يرجون } جملة في موضع خبر { إن } ، و { تبور } معناه تكسد ويتعذر ربحها ، ويقال تعوذوا بالله من بوار الأيم{[9725]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.