فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ} (29)

{ إِنَّ الذين يَتْلُونَ كتاب الله } أي يستمرّون على تلاوته ويداومونها . والكتاب هو القرآن الكريم ، ولا وجه لما قيل : إن المراد به جنس كتب الله { وَأَقَامُواْ الصلاة } أي فعلوها في أوقاتها مع كمال أركانها وأذكارها { وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلاَنِيَةً } فيه حثّ على الإنفاق كيف ما تهيأ ، فإن تهيأ سرّاً ، فهو أفضل ، وإلاّ فعلانية ، ولا يمنعه ظنه أن يكون رياء ، ويمكن أن يراد بالسرّ صدقة النفل ، وبالعلانية صدقة الفرض ، وجملة { يَرْجُونَ تجارة لَّن تَبُورَ } في محل رفع على خبرية إنّ كما قال ثعلب وغيره ، والمراد بالتجارة ثواب الطاعة ومعنى { لَّن تَبُورَ } لن تكسد ، ولن تهلك ، وهي صفة للتجارة ، والإخبار برجائهم لثواب ما عملوا بمنزلة الوعد بحصول مرجوهم .

/خ35