ثم بين - سبحانه - صفة أخرى من صفات هذا الأفاك الأثيم فقال : { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتخذها هُزُواً } .
أي : وإذا بلغ هذا الإِنسان شيء من آياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، بادر إلى الاستهزاء بها والسخرية منها ، ولم يكتف بالاستهزاء بما سمعه ، بل استهزأ بالآيات كلها لرسوخه في الكفر والجحود .
والتعبير بقوله : { وَإِذَا عَلِمَ } زيادة فى تحقيره وتجهيله ، لأن اتخاذه الآيات هزوا بعد علمه بمصدرها ، يدل على إيغاله في العناد والضلال .
وقوله : { أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } بيان لسوء عاقبته . أي : أولئك الذين يفعلون ذلك لهم في الآخرة عذاب يهينهم ويذلهم ، ويجعلهم محل سخرية العقلاء واحتقارهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتّخَذَهَا هُزُواً أُوْلََئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مّهِينٌ } .
يقول تعالى ذكره : وَإِذَا عَلِمَ هذا الأفّاك الأثيم مِنْ آيات الله شَيْئا اتّخَذَها هُزُوا : يقول : اتخذ تلك الايات التي علمها هزوا ، يسخر منها ، وذلك كفعل أبي جهل حين نزلت : إنّ شَجَرَةَ الزّقّوم طَعامُ الأثِيمِ ، إذ دعا بتمر وزبد فقال : تزقموا من هذا ، ما يعدكم محمد إلاّ شهدا ، وما أشبه ذلك من أفعالهم .
وقوله : أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ، يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين يفعلون هذا الفعل ، وهم الذين يسمعون آيات الله تُتلى عليهم ثم يصرّون على كفرهم استكبارا ، ويتخذون آيات الله التي علموها هزوا ، لهم يوم القيامة من الله عذاب مهين يهينهم ويذلهم في نار جهنم ، بما كانوا في الدنيا يستكبرون عن طاعة الله واتباع آياته ، وإنما قال تعالى ذكره : أُولَئِكَ فجمع . وقد جرى الكلام قبل ذلك ردّا للكلام إلى معنى الكلّ في قوله : وَيْلٌ لِكُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ .
وقرأ جمهور الناس : «وإذا عَلِمَ » بفتح العين وتخفيف اللام ، والمعنى : وإذا أخبر بشيء { من آياتنا } فعلم نفس الخبر لا المعنى الذي تضمنه الخبر ، ولو علم المعاني التي تضمنها إخبار الشرع وعرف حقائقها لكان مؤمناً . وقرأ قتادة ومطر الوراق{[10261]} «عُلِّم » بضم العين وشد اللام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.