البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذَا عَلِمَ مِنۡ ءَايَٰتِنَا شَيۡـًٔا ٱتَّخَذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (9)

وقرأ الجمهور : علم ؛ وقتادة ومطر الوراق : بضم العين وشد اللام ؛ مبنياً للمفعول ، أي عرف .

{ اتخذها هزواً } ، ولم يقل : اتخذه ، إشعاراً بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات التي أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم ، خاض في الاستهزاء بجميع الآيات ، ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه .

وقال الزمخشري : ويحتمل { وإذا علم من آياتنا شيئاً } ، يمكن أن يتشبث به المعاند ويجعله محملاً يتسلق به على الطعن والغميزة ، افترضه واتخذ آيات الله هزواً ، وذلك نحو افترص ابن الزبعري قوله عز وجل : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } ومغالطته رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله : خصمتك ؛ ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء ، لأنه في معنى الآية كقول أبي العتاهية :

نفسي بشيء من الدنيا معلقة *** الله والقائم المهدي يكفيها

حيث أراد عتبة . انتهى .

وعتبة جارية كان أبو العتاهية يهواها وينتسب بها .

والإشارة بأولئك إلى كل أفاك ، لشموله الأفاكين .

حمل أولاً على لفظ كل ، وأفرد على المعنى فجمع ، كقوله : { كل حزب بما لديهم فرحون }