{ يومئذ تعرضون } على الله ، { لا تخفى } قرأ حمزة والكسائي : لا يخفى بالياء ، وقرأ الآخرون بالتاء ، { منكم خافية } أي فعلة خافية . قال الكلبي : لا يخفى على الله منكم شيء . قال أبو موسى : يعرض الناس ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما العرضة الثالثة فعندها تطاير الصحف فآخذ بيمينه وآخذ بشماله .
قوله تعالى : " يومئذ تعرضون " أي ، على الله ، دليله : " وعرضوا على ربك صفا " وليس ذلك عرضا يعلم به ما لم يكن عالما به ، بل معناه الحساب وتقرير الأعمال عليهم للمجازاة . وروى الحسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ) . خرجه الترمذي قال : ولا يصح من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة . " لا تخفى منكم خافية " أي هو عالم بكل شي من أعمالكم . " فخافية " على هذا بمعنى خفية ، كانوا يخفونها من أعمالهم ، قاله ابن شجرة . وقيل : لا يخفى عليه إنسان ، أي لا يبقى إنسان لا يحاسب . وقال عبدالله بن عمرو بن العاص : لا يخفى المؤمن من الكافر ولا البر من الفاجر . وقيل : لا تستتر منكم عورة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحشر الناس حفاة عراة ) . وقرأ الكوفيون إلا عاصما " لا يخفى " بالياء ؛ لأن تأنيث الخافية غير حقيقي ، نحو قوله تعالى : " وأخذ الذين ظلموا الصيحة{[15314]} " [ هود : 67 ] واختاره أبو عبيد ؛ لأنه قد حال بين الفعل وبين الاسم المؤنث الجار والمجرور . الباقون بالتاء . واختاره أبو حاتم لتأنيث الخافية .
ولما بلغ النهاية في تحذير العباد من يوم التناد ، وكان لهم حالتان : خاصة وعامة ، فالعامة العرض ، والخاصة التقسيم إلى محسن ومسيء ، زاده{[68030]} عظماً بقوله : { يومئذ } أي إذا كان ما تقدم .
ولما كان المهول نفس العرض ، بنى فعله للمفعول ولأنه كلام القادرين فقال : { تعرضون } أي على الله سبحانه وتعالى للحساب كما يعرض السلطان الجند لينظر في أمرهم ليختار منهم المصلح للإكرام والتقريب والإثابة ، والمفسد للإبعاد والتعذيب والإصابة ، عبر عن الحساب بالعرض الذي هو جزؤه ، فالمحسن لا يكون له غير ذلك والمسيء يناقش { لا تخفى منكم } أي في ذلك اليوم على أحد بوجه{[68031]} من الوجوه { لا تخفى منكم } أي في ذلك اليوم على أحد بوجه من الوجوه { خافية * } أي لا يقع أصلاً على حال{[68032]} من الأحوال شيء{[68033]} من خفاء لشيء كان من حقه الخفاء في الدنيا لا من الأعمال ولا من الأنفس وإن كان في{[68034]} غاية الدقة والغموض لأن ذلك يوم الظهور التام من القبور ومن الصدور ، وغير ذلك من الأمور ، ليكون ذلك أجل لسعادة من سعد ، وأقبح لشقاوة من شقي فأبعد ، قال أبو موسى رضي الله عنه : هي ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعندها تتطاير الصحف فأخذ بيمينه وأخذ بشماله .
قوله : { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } أي تعرضون على ربكم جميعا للحساب والجزاء ولا يخفى عليه شيء من أخباركم وأحوالكم وما تكنه صدوركم . والله عليم بأسراركم وأستاركم وما تخفيه ضمائركم{[4618]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.