أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (42)

{ إن الله يعلم ما تدعون من دونه من شيء } على إضمار القول أي قل للكفرة إن الله يعلم ، وقرأ البصريان بالياء حملا على ما قبله و { ما } استفهامية منصوبة ب { تدعون } و{ يعلم } معلقة عنها و{ من } للتبيين أو نافية و { من } مزيدة و { شيء } مفعول { تدعون } أو مصدرية و { شيء } مصدر أو موصولة مفعول ليعلم ومفعول { تدعون } عائدها المحذوف ، والكلام على الأولين تجهيل لهم وتوكيد للمثل وعلى الأخيرين وعيد لهم . { وهو العزيز الحكيم } تعليل على المعنيين فإن من فرط الغباوة إشراك ما لا يعد شيئا بمن هذا شأنه ، وأن الجماد بالإضافة إلى القادر القاهر على كل شيء البالغ في العلم وإتقان الفعل الغاية كالمعدوم ، وأن من هذا وصفه قادر على مجازاتهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (42)

وقوله { إن الله يعلم ما تدعون من دونه من شيء } .

قرأ أبو عمرو وسلام «يعلم ما » بالإدغام ، وقرأ عامة القراء بالفلك ، وقرأ الجمهور «تدعون » بالتاء من فوق ، وقرأ أبو عمرو وعاصم بخلاف «يدعون » بالياء من تحت على الغيبة ، فأما موضع { ما } من الإعراب فقيل معناه أن الله يعلم الذين يدعون من دونه من جميع الأشياء أن حالهم هذه وأنهم لا قدرة لهم ، وقيل قوله { إن الله يعلم } إخبار تام ، وقوله { وهو العزيز الحكيم } متصل به ، واعترض بين الكلامين { ما تدعون من دونه من شيء } ، وذلك على هذا النحو من النظر يحتمل معنيين أحدهما أن تكون { ما } نافية أي لستم تدعون شيئاً له بال ولا قدر ولا خلاق فيصلح أن يسمى شيئاً وفي هذا تعليق { يعلم } وفيه نظر ، الثاني أن تكون { ما } استفهاماً كأنه قرر على جهة التوبيخ على هذا المعبود من جميع الأشياء ما هو إذا لم يكن الله تعالى أي ليس لهم على هذا التقرير جواب مقنع البتة ، ف { من } على القول الأول والثالث للتبعيض المجرد ، وعلى القول الوسط هي زائدة في الجحد ومعناها التأكيد ، وقال أبو علي { ما } استفهام نصب ب { تدعون } ولا يجوز نصبها ب { يعلم } ، والتقدير أن الله يعلم أوثاناً تدعون من دونه أو غيره لا يخفى ذلك عليه .