نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

ولما أقام الأدلة ولم يبق لأحد تخلف عنه علة ، صرح بما لوح إليه من إيمانه ، فقال مظهراً لسروره بالتأكيد وقاطعاً لما يظنونه من أنه لا يجترئ على مقاطعتهم كلهم بمخالفتهم في أصل الدين : { إني آمنت } أي أوقعت التصديق الذي لا تصديق في الحقيقة غيره بالرسل مؤمناً لهم من أن أدخل عليهم نوع تشويش من تكذيب أو غيره . ولما أرشدهم بعموم الرحمانية تلويحاً ، صرح لهم بما يلزمهم شكره من خصوص الربوبية فقال : { بربكم } أي بسبب الذي لا إحسان عندكم إلا منه قد نسيتم ما له لديكم من الربوبية والرحمانية والإبداع ، وزاد في مصارحتهم إظهاراً لعدم المبالاة بهم بقوله : { فاسمعون } أي سماعاً إن شئتم أشعتموه ، وإن شئتم كتمتموه - بما دل عليه حذف الياء وإثباتها ، فلا تقولوا بعد ذلك : ما سمعناه ، ولو سمعناه لفعلنا به . فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فقتلوه ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مثل صاحب يس هذا في هذه الأمة عروة بن مسعود الثقفي حيث بادى قومه الإسلام ، ونادى على عليته بالأذان ، فرموه بالسهام فقتلوه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

قوله : { إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } صَدَعَ الرجل المؤمن بالحق ولم يخش فيه لومة لائم ؛ إذ جهر بالإيمان وكلمة التوحيد والإخلاص ظاهرة مكشوفة ، معلنا أنه قد آمن بالله وحده لا شريك له { فَاسْمَعُونِ } أي فاسمعوا قولي ؛ فإني لا أبالي يما يحيق بي منكم مما تبتغونه لي من مكروه . وقيل : أراد بذلك إغضابهم لينشغلوا به عن الرسل كيلا يؤذوهم أو يمسوهم بسوء وذلك لما رآهم لم يؤثر فيهم الوعظ والتذكير ، وقد عزموا على الإيقاع برسل الله{[3894]}


[3894]:البحر المحيط ج 7 ص 314 وروح المعاني ج 22 ص 228