نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالَتۡ لَهُمۡ رُسُلُهُمۡ إِن نَّحۡنُ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأۡتِيَكُم بِسُلۡطَٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

فكأنه قيل : فما كان جواب الرسل ؟ فقيل : { قالت } .

ولما أرادوا تخصيصهم برد ما قالوا ، قيد بقوله : { لهم رسلهم } مسلمين أول كلامهم غير فاعلين فعلهم في الحيدة عن الجواب { إن } أي ما { نحن إلا بشر مثلكم } ما لنا عليكم فضل بما يقتضيه ذواتنا غير أن التماثل في البشرية لا يمنع اختصاص بعض البشر عن بعض بفضائل ؛ والمثل : ما يسد مسد غيره حتى لو شاهده مشاهد ثم شاهد الآخر لم{[44759]} يقع فصل { ولكن الله } أي الذي له الأمر كله فضلنا عليكم لأنه { يمن على من يشاء } أي أن{[44760]} يمن عليه { من عباده } رحمة منه له ، بأن يفضله على أمثاله بما يقسمه له{[44761]} من المزايا كما أنتم به عارفون ، فلم يصرحوا بما تميزوا{[44762]} به من وصف النبوة ، ولم يخصوا أنفسهم بمنّ{[44763]} الله بل أدرجوها في عموم من شاء الله ، كل ذلك تواضعاً منهم واعترافاً بالعبودية ؛ والمن : نفع{[44764]} يقطع به عن بؤس{[44765]} ، وأصله القطع{[44766]} ، ومنه { غير منون } ، والمنة قاطعة{[44767]} عن الدنيا .

ولما بينوا وجه المفارقة ، عطفوا عليه بيان العذر فيما طلبوه منهم فقالوا : { وما } أي فما كان لنا أن نتفضل عليكم بشيء من الأشياء لم يؤذن لنا{[44768]} فيه ، وما { كان{[44769]} } أي صح واستقام { لنا أن نأتيكم بسلطان } مما تقترحونه{[44770]} تعنتاً ، وهو البرهان الذي يتسلط به على إبطال مذهب المخالف للحق غير المعجزة{[44771]} التي يثبت بها{[44772]} النبوة { إلا بإذن الله } أي بإطلاق الملك الأعظم وتسويفه{[44773]} ، فنحن نتوكل على الله في أمركم إن{[44774]} أذن لنا في الإتيان بسلطان أو لم يأذن وافقتم أو خالفتم { وعلى الله } أي الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد معه وحده { فليتوكل } أي بأمر حتم { المؤمنون * } فكيف بالأنبياء ؛


[44759]:في ظ ومد: ثم.
[44760]:زيد من ظ ومد.
[44761]:زيد من ظ و م ومد.
[44762]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: يميزوا.
[44763]:من م، وفي الأصل و ظ ومد: عن.
[44764]:من م، وفي الأصل: يقع، وفي ظ: نقع، ولا يتضح في مد.
[44765]:في ظ: بواس.
[44766]:في م: للقطع.
[44767]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: طعمه.
[44768]:زيد من ظ و م ومد.
[44769]:سقط من الأصل.
[44770]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: يقترحونه.
[44771]:في ظ: التي تثبت به، وفي م: التي ثبتت بها، وفي مد: تثبت بها- كذا.
[44772]:في ظ: التي تثبت به، وفي م: التي ثبتت بها، وفي مد: تثبت بها- كذا.
[44773]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لسويقه- كذا.
[44774]:في ظ: إذا.