غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَتۡ لَهُمۡ رُسُلُهُمۡ إِن نَّحۡنُ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأۡتِيَكُم بِسُلۡطَٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

1

ثم شرع في حكاية شبه الكفار وأنها ثلاث : الأولى قولهم : { إن أنتم إلا بشر مثلنا } وذلك لاعتقادهم أن الأشخاص الإنسانية متساوية في تمام الماهية ، فيمتنع أن يبلغ التفاوت بينهم إلى هذا الحد مع اشتراك الكل في الضروريات البشرية من الحاجة إلى الأكل والشرب والوقاع وغير ذلك . الثانية التمسك بطريقة التقليد وذلك قوله : { تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا } الثالثة إنكارهم دلالة المعجزة على الصدق . وعلى تقدير التسليم زعموا أنهم ما أتوا بحجة أصلاً لاعتقادهم أن معجزاتهم من جنس الأمور المعتادة ، فاقترحوا سلطاناً مبيناً أي برهاناً باهراً وحجة قاهرة . ثم إن الأنبياء سلموا أنهم بشر مثلهم ولكنهم وصفوا أنفسهم بمزية من عند الله بطريق المنة والعطية ، وبهذا استدل من جعل النبوّة محض العطاء من الله . أجاب المخالف بأنهم لم يذكروا فضائلهم النفسانية والجسمانية تواضعاً منهم ، ولأنه قد علم أنه لا يختصهم بتلك الكرامة إلا وهم أهل لها لخصائص فيها . وأما الشبهة الثانية فإنما لم يذكروا الجواب عنها لأن صحة النبوّة تهدم قاعدة التقليد ، وأما الشبهة الثالثة فجوابها { وما كان لنا } أي ما صح منا { أن نأتي بآية } اقترحتموها من تلقاء أنفسنا وإنما ذلك أمر يتعلق بمشيئة الله . والظاهر أن الأنبياء لما أجابوا عن شبهاتهم بما أجابوا فالقوم أخذوا في السفاهة والتخويف وعند ذلك قالت الأنبياء { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } إلى قوله : { وعلى الله فليتوكل المتوكلون } قال علماء المعاني : الأول لاستحداث التوكل ، والثاني للسعي في إبقائه وإدامته . وقيل : معنى الأول أن الذين يطلبون المعجزات يجب عليهم أن يتوكلوا في حصولها على الله لا علينا ، فإن شاء أظهرها وإن شاء لم يظهرها .

/خ17