الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{قَالَتۡ لَهُمۡ رُسُلُهُمۡ إِن نَّحۡنُ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأۡتِيَكُم بِسُلۡطَٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

قوله تعالى : " قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم " أي في الصورة والهيئة كما قلتم . " ولكن الله يمن على من يشاء من عباده " أي يتفضل عليه بالنبوة . وقيل ، بالتوفيق ، والحكمة والمعرفة والهداية . وقال سهل بن عبد الله : بتلاوة القرآن وفهم ما فيه .

قلت : وهذا قول حسن ، وقد خرج الطبري من حديث ابن عمر قال قلت لأبي ذر : يا عم أوصني ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال : ( ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا ولله فيه صدقة يمن بها على من يشاء من عباده وما من الله تعالى على عباده بمثل أن يلهمهم ذكره ) . " وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان " أي بحجة وآية . " إلا بإذن الله " أي بمشيئته ، وليس ذلك في قدرتنا ، أي لا نستطيع أن نأتي بحجة كما تطلبون إلا بأمره وقدرته ، فلفظه لفظ الخبر ، ومعناه النفي ؛ لأنه لا يحظر على أحد ما لا يقدر عليه . " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " تقدم معناه .