الآية 11 : وقوله تعالى : { قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم } أي ما نحن إلا بشر مثلكم ، ردٌّ قول الباطنية ، لأنهم ينكرون كون الرسالة في جوهر البشرية ، ويقولون : إنما تكون الرسالة في جوهر الروحانية . فهم – صلوات الله عليهم – إنما أجابوا قومهم حين{[9484]} قالوا لهم : { ما أنتم إلا بشر مثلنا } . بقولهم{[9485]} : { إن نحن إلا بشر مثلكم } لم يذكروا شيئا سوى البشرية . فدل أن قول الباطنية باطل حين{[9486]} قالوا : { إن نحن بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده } .
[ وقوله تعالى : { إن نحن إلا بشر مثلكم } ]{[9487]} فيه دلالة نقض قول المعتزلة ، لأنهم يقولون : إن الله لا يختص أحدا بالرسالة إلا من كان منه ما يستحق به الرسالة . وهم – صلوات الله عليهم – لم يذكروا سوى منة الله عليهم . دل أنه يمن عليهم ، ويختصهم لا بشيء من الاستحقاق يكون منهم من الأعمال ، ولكن بالمنة والفضل منه عليهم .
وقوله تعالى : { وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله } هو ما ذكرنا : الإذن الإباحة ، هو مقابل الحجر ، لكن الإذن المذكور في القرآن ليس كله على وجه واحد ، ولكن يتجه في كل موضع ، ويٌحمل{[9488]} على ما يليق به كقوله{[9489]} تعالى : { فهزموهم بإذن الله } [ البقرة : 251 ] أي بنصر الله ، لأن الهزيمة هي موضع النصر ، يٌحمل عليه ، وقوله{[9490]} تعالى : { وأحيي الموتى بإذن الله } [ آل عمران : 49 ] أي ب : إن شاء الله .
فعلى ذلك الإذن هاهنا حيث قال : { وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله } أي ب : إن شاء الله السلطان ، وإجراؤه على أيدينا .
ويحمل{[9491]} الإذن المذكور في القرآن على ما يصلح ، ويليق بما تقدم ذكره / 268 – ب / ويحتمل الإذن هاهنا الأمر أي بأمر الله نأتي ، أي [ إن ]{[9492]} أمرنا الله بذلك نأتي{[9493]} به .
قوله تعالى : { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } يشبه أن يكون ذكر هذا على إثر وعيد وأذى كان منهم إليهم ، فقالوا : على الله يتكل ، ويعتمد ، المؤمنون في دفع وعيدكم وأذاكم .
وقوله تعالى : { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : على الأمر ، أي على الله توكلوا أيها المؤمنون في جميع ما يوعدكم أهل الكفر وفي جميع أموركم .
والثاني{[9494]} على الإخبار عن صنيع المؤمنين أنهم إنما يتوكلون على الله ، وبه يعتمدون في جميع أمورهم ، ومنه يرون كل خبر وبر ، لا بالأسباب التي لهم يرون{[9495]} منها .
وأما أهل الكفر فإنما يتوكلون ويعتمدون بالأسباب ، ومنها يرون كل سعة وخير ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.