السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَتۡ لَهُمۡ رُسُلُهُمۡ إِن نَّحۡنُ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأۡتِيَكُم بِسُلۡطَٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

ولما حكى الله تعالى عن الكفار شبهاتهم في الطعن في النبوّة حكى عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جوابهم عنها بقوله تعالى : { قالت لهم رسلهم } مجيبين لهم { إن } ، أي : ما { نحن إلا بشر مثلكم } كما قلتم ، فسلموا أنّ الأمر كذلك لكنهم بينوا أنّ التماثل في البشرية لا يمنع من اختصاص بعض بمنصب النبوّة بقولهم { ولكنّ الله يمنّ } أي : يتفضل { على من يشاء من عباده } بالنبوّة والرسالة فيصطفي من يشاء من عباده لهذا المنصب العظيم الشريف ، كما قال تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } [ الأنعام ، 124 ] . { وما كان } ، أي : ما صح واستقام { لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله } ، أي : إلا بأمره ؛ لأنا عبيد مربوبون فليس إلينا الإتيان بالآيات ، ولا تستبد به استطاعتنا حتى نأتيكم بما اقترحتموه ، وإنما هو أمر متعلق بمشيئة الله تعالى فله أن يخص كل نبيّ بنوع من الآيات . { وعلى الله فليتوكل } بأمر حتم { المؤمنون } ، أي : يثقوا به فلا نخاف من تخويفكم ولا نلتفت إلى تهديدكم .