فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (194)

{ عَلَى قَلْبِكَ } أي : أنه تلاه على قلبك حتى تعيه وتفهمه ولا تنساه ، ووجه تخصيص القلب أنه أول مدرك من الحواس الباطنة ، قال الكرخي خصه بالذكر ليؤكد أن ذلك المنزل محفوظ ، والرسول متمكن من قلبه لا يجوز عليه التغير ، ولأن القلب هو المخاطب في الحقيقة ، لأنه موضع التمييز والعقل والاختبار ، وسائر الأعضاء مسخرة له .

ويدل عليه القرآن والحديث والمعقول أما القرآن فقوله تعالى : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب } والحديث قوله صلى الله عليه وسلم ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب أخرجاه في الصحيحين . وأما المعقول فإن القلب إذا غشى عليه ، وقطع سائر الأعضاء لم يحصل له شعور ، وإذا أفاق القلب شعر بجميع ما ينزل بالأعضاء من الآفات ، وعبارة الخازن ، ومن المعقول أن موضع الفرح والسرور ، والغم والحزن ، هو القلب ، فإذا فرح القلب أو حزن يتغير حال سائر الأعضاء ، فكان القلب كالرئيس لها ، ومنه : إن موضع العقل هو القلب على الصحيح من القولين ، فإذا ثبت ذلك كان القلب هو الأمير المطلق ، وهو المكلف لأن التكليف مشروط بالعقل والفهم انتهى .

{ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ } علة للإنزال أي : أنزله عليك لتنذرهم بما تضمنه من التحذيرات والإنذارات والعقوبات