نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَمۡ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَآئِهِمۡ شُفَعَـٰٓؤُاْ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمۡ كَٰفِرِينَ} (13)

ولما كان الساكت ربما أغناه عن الكلام غيره ، نفى ذلك بقوله محققاً له بجعله ماضياً : { ولم يكن } ولما كان المقام لتحقيرهم بتحقير شركائهم رتب نفي النفع الموجع{[52724]} لهم هذا الترتيب ، ويجوز أن يراد بترتيبه مع ذلك التخصيص فيقال : { لهم } أي خاصة في ذلك الوقت ولا بعده ، ولا كان في عداد ذلك من قبل لو كانوا يعقلون ، وأما غيرهم{[52725]} ممن يصح وصفه بالإجرام لكونه من أهل الشرك{[52726]} الخفي فقد يشفع فيه من رباه{[52727]} من الشهداء والعلماء وعامة المؤمنين { من شركائهم } الذي زعموهم خاصة ليتبين لهم خلطهم وجهلهم المفرط في{[52728]} قولهم :{ هؤلاء شفعاؤنا عند الله }[ يونس : 18 ] وأما غيرهم فيقع منهم ما يسمى شفاعة تارة تصريحاً وأخرى تلويحاً كالشفاعة{[52729]} العامة من نبينا صلى الله عليه وسلم في الخلق عامة لفصل القضاء ، وقوله صلى الله عليه وسلم{[52730]} في ناس بأعيانهم{[52731]} : " أصحابي إليّ إليّ ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فيقول : فسحقاً{[52732]} سحقاً " و{[52733]} قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام

{ ومن عصاني فإنك غفور رحيم }[ إبراهيم : 36 ] { شفعاء } ينقذونهم مما هم فيه وما يستقبلونه{[52734]} وإتيانه بصيغة جمع الكثرة يمكن أن يكون لا مفهوم له ، لأن مورده رد اعتقادهم في قولهم السالف ، ويمكن أن يفهم أنه قد يقع من بعض من عبدوه شفاعة ، أو تلويح بها كقول عيسى عليه السلام

{ وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }[ المائدة : 118 ] .

ولما ذكر حال الشفعاء معهم ، ذكر حالهم مع الشفعاء فقال : { وكانوا } أي كوناً هو في غاية الرسوخ

{ بشركائهم } أي خاصة { كافرين* } أي متبرئين{[52735]} منهم{[52736]} ساترين لأن يكونوا اعتقدوهم آلهة{[52737]} وعبدوهم جرياً على عادتهم فيما لا يغنيهم من{[52738]} العناد والبهت .


[52724]:في ظ: المرجع.
[52725]:في ظ: غيره.
[52726]:في ظ: الإشراك.
[52727]:في ظ ومد: راباه.
[52728]:من ظ ومد، وفي الأصل: من.
[52729]:في ظ ومد: من الشفاعة.
[52730]:والحديث مشهور.
[52731]:من ظ ومد، وفي الأصل: يايهم ـ كذا.
[52732]:في ظ: سحقا.
[52733]:زيد من ظ ومد.
[52734]:زيد في الأصل: "بالإجرام لكونه من أهل الشرك الخفي فقد يشفع فيه من رباه من الشهداء والعلماء وعامة المؤمنين" ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها، والعبارة قد مرت قبيل بضعة أسطر.
[52735]:من ظ ومد، وفي الأصل: متبرين.
[52736]:زيد من ظ ومد.
[52737]:من ظ ومد، وفي الأصل: إله.
[52738]:من ظ ومد، وفي الأصل: عن.