نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوۡمَئِذٖ يَتَفَرَّقُونَ} (14)

ولما كانت النفس ربما تشوفت إلى أنه هل يكون بعد إبلاسهم شيء آخر ، قال مفيداً له مهولاً بإعادة ما مضى : { ويوم تقوم الساعة } أي ويا له من يوم ، ثم زاد في تهويله يقوله : { يومئذ يتفرقون } أي المؤمنون الذين يفرحون بنصر الله والكافرون فرقة لا اجتماع بعدها ، هؤلاء في عليين ، وهؤلاء في أسفل سافلين . حكى لي بعض القضاة من أصحابي - عفا الله عنه - وهو يبكي {[52739]}أنه رأى مناماً مهولاً ، وذلك أنه رأى{[52740]} القيامة قد قامت ، والناس يحشرون{[52741]} - على ما وصف في الأحاديث - في صعيد واحد عرايا خائفين حائرين ، يموج بعضهم في بعض ، فإذا{[52742]} شخص مما له أمر قد أشار بسوط معه وخط به في{[52743]} الأرض فقسمهم قسمين فقال : هؤلاء مطيعون ، وهؤلاء عصاة ، قال : فكنت{[52744]} في العصاة ، وفي الحال غاب عنا{[52745]} الطائعون ، فلم نر منهم أحداً{[52746]} ثم خط بذلك السوط مرة أخرى فقسمنا قسمين فقال : هؤلاء عصاة الأقوال ، وهؤلاء عصاة الأفعال ، قال : فكنت في عصاة الأفعال ، ثم غاب في الحال عنا عصاة الأقوال ، فلم نر منهم أحداً وبقينا نحن منا الجالس ومنا المضطجع ، ونحن قليل بالنسبة إلى عصاة الأقوال ، فبينا نحن كذلك إذ جاء آتٍ إلى شخص إلى{[52747]} جانبي فأخذه{[52748]} من كعبه ثم نشطه فأخرج جلده بمرة{[52749]} واحدة كأنه جراب نزع عن شيء فيه يابس ، فحصل لي من ذلك ذعر شديد فبينا أنا كذلك إذ آتٍ جاءني من ورائي ، فألقى عليّ{[52750]} جوخة فجعلها على أكتافي وأدارها على أفخاذي فسترني بها و{[52751]} لكن على غير هيئة لبس المخيط ، قال : واستيقظت وأنا على ذلك فقصصته على بعض الصالحين فقال : أحمد الله على كونك من عصاة الأفعال ، وأخذ من ستري بالجوخة على تلك الهيئة أني أحج ، فبشرني بذلك فحججت{[52752]} في ذلك العام - والله تعالى المسؤول في التوبة ، فإنه الفعّال لما يريد


[52739]:في ظ: مناما رآه مهولا أن.
[52740]:في ظ: مناما رآه مهولا أن.
[52741]:في ظ ومد: محشورون.
[52742]:في ظ: فإذا.
[52743]:زيد من ظ ومد.
[52744]:في ظ: فكتب.
[52745]:زيد من ظ ومد.
[52746]:في ظ: أحد.
[52747]:زيد من ظ ومد.
[52748]:من ظ ومد، وفي الأصل: فأخذته.
[52749]:من ظ ومد، وفي الأصل: مرة.
[52750]:من ظ ومد، وفي الأصل: إلى.
[52751]:سقطت الواو من ظ ومد.
[52752]:من ظ ومد، وفي الأصل: محجتها.