نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

ولما كان انتكاسهم بعد هذه الأسباب المسعدة بعيداً ، أشار إليه بأداة التراخي ، أو هي إشارة إلى تطاول دعاء الرسل لهم واحتمالهم إياهم فقال : { ثم كان } أي كوناً تعذر الانفكاك عنه ، وهو في غاية الهول كما اشار إليه تذكير الفعل { عاقبة } أي آخر أمر { الذين أساءوا } أظهر موضع الإضمار تعميماً ودلالة على السبب { السوأَى } أي الحالة التي هي أسوأ ما يكون ، وهي خسارة الأنفس بالدمار في الدنيا والخلود في العذاب في الأخرى ، جزاء لهم بجنس عملهم ، فإنهم كما أساؤوا الرسل ساءهم الملك ؛ ثم ذكر العلة بقوله : { أن كذبوا } أي لأجل تكذيبهم الرسل ، مستهينين { بآيات الله } أي الدلالات المنسوبة إلى الملك الأعلى الذي له الكمال كله الدالة عليه على عظمها بعظمه { وكانوا } أي {[52708]}كوناً كأنه{[52709]} جبلة لهم { بها } مع كونها أبعد شيء عن الهزء { يستهزءون } أي يستمرون على ذلك بتجديده في كل حين مع تعظيمه حتى كان استهزاؤهم بغيرها كأن عدم{[52710]} ، كما أنكم أنتم تكذبون بما وقع من الوعد في أمر الروم وتستهزئون {[52711]}به فاحذروا{[52712]} أن يحل بكم ما حل بالأولين ، ثم تردون إليه سبحانه فيعذبكم العذاب الأكبر ، ويجوز أن يكون هذا بدلاً من " السُّوأَى " أو{[52713]} بياناً لها بمعنى أنهم لما أساؤوا زادتهم إساءتهم عمارة حتى ارتكسوا في العمى فوصلوا إلى التكذيب والاستهزاء الذي هو أقبح الحالات ، عكس ما يجازي به المؤمن من أنه يزداد بإيمانه هدى .


[52708]:من ظ ومد، وفي الأصل: كانوا كونا.
[52709]:من ظ ومد، وفي الأصل: كانوا كونا.
[52710]:من ظ ومد، وفي الأصل: عموم.
[52711]:من ظ ومد، وفي الأصل: بها فاجدر.
[52712]:من ظ ومد، وفي الأصل: بها فاجدر.
[52713]:من ظ ومد، وفي الأصل "و".