نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{نِّعۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَاۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَن شَكَرَ} (35)

ولما كان المراد من الموعظين الطاعة التي هي سبب النجاة ، فلذا قال ذاكراً للإنعام معبراً عنه بغاية المقصود منه معرفاً أن انتقامه عدل ومعافاته فضل ، لأن أحداً لا يقدر أن يكافئ نعمه ولا نعمة منها ، معللاً للنجاة : { نعمة من عندنا } أي عظيمة غريبة جداً لشكرهم ، ولما كان كأنه قيل : هل هذا مختص بهم .

. . الإنجاء من بين الظالمين وهو مختص بهم ، أجاب بقوله : { كذلك } أي مثل هذا الإنجاء العظيم الذي جعلنا جزاء لهم { نجزي } بقدرتنا وعظمتنا { من شكر * } أي أوقع الشكر بجميع أنواعه فآمن وأطاع ليس . . . بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كائناً من كان من سوقة أو سلطان جائر شجاع أو جبان ، فاننا عليه بالإنجاء بعد هلاك عدوه ، قال القشيري : والشكر على نعم الدفع أتم من الشكر على نعم النفع ، ولا يعرف ذلك إلا كل موفق كيس فالآية من الاحتباك : ذكر الإنعام أولاً - لأنه السبب الحقيقي - دليلاً على حذفه ثانياً ، والشكر ثانياً - لأنه السبب الظاهر - دليلاً على حذفه أولاً .