التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَيۡـٔٗا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (44)

{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ ( 1 ) النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 2 ) 44 } [ 44 ] .

( 1 ) لا يظلم : بمعنى لا يجور .

( 2 ) أنفسهم يظلمون : ينحرفون عن جادة الحق فيضرون أنفسهم ويجورون عليها .

المتبادر أن الآية جاءت معقبة على الآيات السابقة ، وبسبيل تقرير كون الله تعالى إذا جازى المكذبين الذين وصفت مواقفهم في الآيات السابقة فإنما يكون ذلك بسبب هذه المواقف التي ظلموا بها أنفسهم .

وفي الآية توكيد لمبدأ قرآني تكرر وروده وهو مسؤولية الناس عن أعمالهم التي يعملونها نتيجة لاختيارهم وكسبهم .

ومن العجيب أن الخازن رغم ما في الآية من صراحة حاسمة قال : إن الآية تعني أن الله تعالى إذا كتب الشقاء والعذاب على أحد فلا يعد ظلما ؛ لأنه يفعل ذلك بمقتضى كونه صاحب التصرف المطلق في عباده ، وأن ابن كثير قال شيئا من ذلك خلافا للطبري والطبرسي والبغوي والزمخشري الذين فسروا الآية بما يتفق مع ظاهرها الحاسم الذي شرحنا مداه .

ومن العجيب أن ابن كثير مع ما قاله قد أورد حديثا رواه مسلم عن أبي ذر : " أن النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه أنه قال : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلاّ نفسه " . حيث ينطوي في الحديث توكيد لذلك المبدأ وتساوق مع ظاهر الآية ومع تفسير الطبري والبغوي والطبرسي والزمخشري .