الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَيۡـٔٗا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (44)

ثم قال تعالى ذكره{[31061]} { إن الله لا يظلم الناس شيئا }[ 44 ] : أي : لا يبخسهم حقهم ، فيعاقبهم بغير كفر{[31062]} { ولكن الناس أنفسهم يظلمون }[ 44 ] .

وقال الفراء : إذا كانت ( لكن ) لا واو{[31063]} معها أشبهت{[31064]} ( بل ) .

فتؤثر{[31065]} العرب تخفيفها ، ليكون ما بعدها بمنزلة ( ما ) بعد ( بل ) من الابتداء والخبر إذا كانت مثل ( بل ){[31066]} ، وإذا كانت معها الواو ، وخالفت بل ، فتؤثر العرب التشديد لينصبوا ما بعدها ، فيخالفوا به ما بعد بل ، كما خالفت هي بل{[31067]} . والناس{[31068]} يظلمون أنفسهم باكتسابهم الخطايا التي توجب العقاب على أنفسهم .

والمعنى : أن الله جل ذكره ، لم يهمل{[31069]} الناس ، بل أرسل إليهم الرسل ، وأنزل عليهم الكتب{[31070]} ، واتخذ عليهم الحجة بالعقل ، والسمع ، والبصر . ثم جازاهم{[31071]} بأعمالهم بعد أن أمرهم ، ونهاهم ، فأكرم الطائع ، وأهان العاصي ، وهذا هو العدل الظاهر البين .


[31061]:ساقط من ق.
[31062]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 15/96.
[31063]:ق: لأوو.
[31064]:في النسختين استبهت ولعل الصواب ما أثبت.
[31065]:ط: فتوتوا.
[31066]:ط: إذا كانت مثل بل، إذا كانت مثل بل وهو سهو من الناسخ.
[31067]:انظر هذا التوجيه في: معاني الفراء 1/465، وإعراب النحاس 2/256.
[31068]:ط: بالناس.
[31069]:ط: يمهل.
[31070]:ط: الكتاب.
[31071]:ق: جزاهم.