الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَيۡـٔٗا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (44)

لما ذكر أهل الشقاء ذكر أنه لم يظلمهم ، وأن تقدير الشقاء عليهم وسلب سمع القلب وبصره ليس ظلما منه ؛ لأنه مصرف في ملكه بما شاء ، وهو في جميع أفعاله عادل . " ولكن الناس أنفسهم يظلمون " بالكفر والمعصية ومخالفة أمر خالقهم . وقرأ حمزة والكسائي " ولكن " مخففا " الناس " رفعا . قال النحاس : زعم جماعة من النحويين منهم الفراء أن العرب إذا قالت " ولكن " بالواو آثرت التشديد ، وإذا حذفوا الواو آثرت التخفيف ، واعتل في ذلك فقال : لأنها إذا كانت بغير واو أشبهت بل فخففوها ليكون ما بعدها كما بعد بل ، وإذا جاؤوا بالواو خالفت بل فشددوها ونصبوا بها ، لأنها " إن " زيدت عليها لام وكاف وصيرت حرفا واحد . وأنشد :

ولكنّنِي من حبِّها لعَمِيدُ

فجاء باللام لأنها " إن " .