السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَيۡـٔٗا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (44)

ولما حكم تعالى على أهل الشقاوة بالشقاوة بقضائه وقدره السابق فيهم أخبر تعالى أنّ تقدير الشقوة عليهم ما كان ظلماً منه بقوله تعالى : { إنّ الله لا يظلم الناس شيئاً } أي : لأنه تعالى في جميع أحواله متفضل وعادل ، فيتصرّف في ملكه كيف يشاء والخلق كلهم عبيده ، وكل من تصرّف في ملكه بالفضل والعدل لا يكون ظالماً ، وإنما قال تعالى : { ولكن الناس أنفسهم يظلمون } لأنّ فعلهم منسوب إليهم بسبب الكسب وإن كان قد سبق قضاء الله تعالى وقدره فيهم ، ففي ذلك دليل على أنّ للعبد كسباً وأنه ليس مسلوب الاختيار كما زعمت المجبرة . وقرأ حمزة والكسائي بكسر النون مخففة ورفع السين ، والباقون بنصب النون مشدّدة ونصب السين .