التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ وَإِن كُنَّا لَمُبۡتَلِينَ} (30)

3 وإن كنا لمبتلين : ولم نكن بما فعلنا إلا مختبرين للناس .

{ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ( 23 ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم1 ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آباءنا الأولين ( 24 ) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ( 25 ) قال ربي انصرني بما كذبون ( 26 ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا 2 فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( 27 ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( 28 ) وقل ربي أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( 29 ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين 3 ( 30 ) } [ 23-30 ] .

هذه حلقة من سلسلة قصصية فيها ذكر بعض الأنبياء مع أقوامهم . ومع أنها لم تجيء عقب حكاية مواقف الكفار جريا على الأسلوب القرآني فإنها جاءت عقب التذكير بمشاهد قدرة الله وأفضاله على الناس ، وهذا معنى غير منقطع عن ذلك .

والمتبادر أن حكمة التنزيل اقتضت إيحاءها عقب ذلك لبيان مواقف بعض الأمم من نعم الله وأفضاله .

وعبارة الحلقة واضحة . وقد احتوت إشارة إلى رسالة نوح إلى قومه وموقف قومه منه ومن رسالته ، وما كان من إنشائه الفلك بأمر الله وتنجية من شاء معه عليه وإغراقه الكافرين بالماء الذي فار من التنور وصار طوفانا .

والقصة قد تكررت في سور عديدة مسهبة ومقتضبة وما جاء هنا قد جاء في سورة هود خاصة مع تفصيل أوسع . وهدف التذكير والوعظ والإنذار وهو هدف القصص القرآنية عامة بارز على هذه الحلقة . ويلفت النظر إلى ما في أقوال قوم نوح لنبيهم وما حكته آيات عديدة مرت أمثلة منها من أقوال الكفار العرب للنبي صلى الله عليه وسلم مثل التحدي بالإتيان بالملائكة ، ومثل قولهم : إن به جنة وتواصيهم بالتربص به حتى يموت الخ من تماثل ؛ حيث استهدف بذلك تذكير كفار العرب بما كان من موقف قوم نوح من نبيهم المماثل لموقفهم وما كان من عاقبة هؤلاء وإنذارهم بعاقبة مماثلة إذا لم يرتدعوا ويرعووا .

والآية الأخيرة بمثابة تعقيب على القصة ، وهدف الإنذار فيها بارز أيضا . فالله يرسل رسله لاختبار الناس ويعاملهم بما يكون من نتائج هذا الاختبار .