التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتۡ} (10)

1

تعليق على جملة

{ وإذا الصحف نشرت }

وبمناسبة آية { وإذا الصحف نشرت } نقول : إن هذا المعنى قد تكرر بأساليب متنوعة في القرآن . وقد ذكر في بعض الآيات أن لله على الناس مراقبين يكتبون ما يفعلونه . وأن ما يكتبونه هو صحف أعمال الناس التي تنشر يوم القيامة وتوزع على أصحابها ، وتعطى للناجين بأيمانهم وللخاسرين بشمالهم . ومما جاء في القرآن في هذا آية سورة الزخرف هذه : { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ( 80 ) وآيات سورة ق هذه : { إذ يتلقى المتلقيان وعن الشمال قعيد ( 17 ) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد( 18 ) } وآيات سورة الجاثية هذه : { وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون ( 28 ) هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون( 29 ) } ومنها آيات سورة الحاقة التي أوردناها في سياق تفسير سورة المدثر .

ولما كان الله عز وجل غنياً عن كل ذلك لا يعزب عنه شيء ، فالذي يتبادر من الحكمة الربانية لما ذكرته الآيات أنه بسبيل الإنذار والترهيب والوعيد بأسلوب من الأساليب التي اعتادها الناس في الدنيا من تسجيل الأحداث وإبراز التسجيلات في مقام الإثبات والإفحام . ولقد نبهنا قبل إلى ما اقتضته حكمة التنزيل من وصف المشاهد الأخروية بأوصاف مستمدة من مألوفات الحياة الدنيا في التعليق على الحياة الأخروية في سورة الفاتحة . وهذا من ذاك ، هذا مع تقرير وجوب الإيمان بما ذكرته الآيات كحقيقة إيمانية غيبية ، وبأنه في نطاق قدرة الله تعالى وحكمته .